فضيحة!
الإثنين 5 آذار 2018
القضية التي شغلت الرأي العام اللبناني أواخر الاسبوع الماضي وأخذت الأضواء عن ملف الانتخابات والترشيحات والتحالفات كانت "البشرى" التي كانت مدوّية وفاضحة، والتي أطلقها وزير الداخلية نهاد المشنوق حول براءة الممثل المسرحي زياد عيتاني من التهم الموجهة اليه، ومنها تهمة العمالة لكيان الاحتلال الاسرائيلي. ثم توالت وتتالت المعلومات في هذا الملف الفضيحة، ليظهر وفق المعطيات التي توفرت حتى الساعة، ان المسألة من أولها الى آخرها مسألة تلفيق بتلفيق. القضية هي محاولة الايقاع بشخص على خلفيّة موقف أعلنه، فأصابت المكيدة شخصاً آخر بتشابه الأسماء، علماً أن المسألة من أساسها ليس لها سند حقيقي وفق المعلومات التي نشرت، وحتى يقول القضاء كلمته الأخيرة والواضحة التي يجب أن تستند الى براهين قاطعة.
وبغض النظر عن الطريقة والآليات القانونية المعتبرة لإصدار أحكام البراءة أو الاتهام، والمرجعية الصالحة لذلك، وهي القضاء وليس وزارة الداخلية بكل تأكيد، فإن ما جرى يعدّ فضيحة من العيار الثقيل، ويكشف حجم الاستغلال الخبيث للمواقع التنفيذية في السلطة، لاتهام مواطنين وأبرياء بملفات كثيرة وعديدة، ومن ثم إيداعهم السجون على خلفية الانتقام، ودون سند حقيقي على الافعال التي تنسب اليهم.
وهنا نكتشف حجم المأساة، وحجم الظلم الذي لحق بكثير من المواطنين، ومن الموقوفين وخاصة الاسلاميين، وربما حجم الفبركات التي حيكت وزجّت بهم في غياهب السجون دون ذنب أو جريمة، فيما المجرمون الحقيقيون يعيثون في إدارات الدولة فساداً، وهم محميون من مرجعيات سياسية وربما غير سياسية تتحكم بالبلد وتسير به الى مهاوي الردى والمجهول دونما رأفة أو رحمة أو أدنى شعور بالحس الانساني والوطني.
المسألة ليست اعتذاراً من موقوف أو متهم أو محكوم، المسألة هي مسألة سيادة منطق القانون والقضاء العادل وانصاف الناس حتى يشعر المواطن بمواطنيته وحقوقه ووكرامته.
القضية هي مساءلة ومحاكمة كل متورط في مثل هذه الجريمة حتى يأخذ الحق مجراه، وتأخذ العدالة طريقها، فلا يشعر إنسان بالظلم أو الغبن أو الغربة في بلده. ولذلك فإن أجهزة القضاء (السلطة المستقلة) مدعوّة، بل مطالبة بوضع يدها على هذا الملف، وعلى كل الملفات الأخرى المشابهة، وما أكثرها لإنصاف الناس والمظلومين. ونقول لم يعد ينفع بعد هذه الفضيحة المدوّية الحديث عن عفو عام عن الموقوفين، بل المطلوب وعلى وجه السرعة وضع ملفات هؤلاء أمام القضاء والقضاة الذين يتمتعون بالمصداقية والشفافية، لاكتشاف حجم التلفيقات والفبركات بحقهم، ومن ثم إطلاق سراحهم، إلا من ثبت بالدليل القطعي ارتكابه لأية جريمة حتى تستقر النفوس وتعود الثقة بالدولة وقضائها.
ما يجري تداوله والحديث عنه ليس في لبنان وحده، وانما في كثير من أقطار العالم، لا سيما العالم العربي، مما يحتاج الى نيابات عامة فاعة، وأجهزة قضائية رقابية لاسترجاع قضايا سقط فيها شهداء، وأعدم فيها أبرياء.
المكتب الإعلامي المركزي