المجازر بالصمت !
الإثنين 26 شباط 2018
عاد الحدث السوري الى واجهة المتابعة الدولية والعربية والاسلامية، مع عودة آلة القمع وحصد الأرواح لارتكاب المزيد من المجازر بحق الأطفال والنساء والمدنيين، وهذه المرة في غوطة دمشق الشرقية، التي ترزح تحت حصار محكم منذ قرابة ست سنوات.
لقد استنفر النظام السوري ومعه الميليشيات الطائفية ومن خلفهما الطائرات الروسية كل قوتهم البرية والجوية لإرغام اهالي الغوطة وثوارها على الاستسلام، فراحت الطائرات على مدى أيام الأسبوع الماضي تدك الأحياء السكنية والأسواق والمساجد والمشافي والمدارس وكل ما يمت الى الحياة بصلة، علّها بذلك ترغم أهالي الغوطة على رفع الرايات البيضاء، وتدفعهم الى عزل وطرد الثوار الذين يدافعون عن بيوتهم وشرفهم. كما استخدمت تلك القوات المهاجمة مختلف أنواع الأسلحة المدفعية والصاروخية وقنابل "النابالم" و"العنقودية" وغاز السارين، وكلها محرّمة دوليا،ً موقعة بذلك مئات الشهداء والاف الجرحى، ولكن أهالي الغوطة ظلّوا يرفعون شارة النصر بدل أن يرفعوا الراية البيضاء، كما تشتهي وتتمنى القوى المجرمة.
جرى كل ذلك ويجري على مرأى ومسمع من العالم، ومن المجتمع الدولي الذي عجز مرة جديدة عن القيام بواجبه في حماية حق الانسان بالحياة والحرية والكرامة. وسقط أمام القيم التي يدّعيها ويتغنى بها. لقد فشل مجلس الأمن في الأمن وجلبه للانسان السوري، فلماذا تريدون من هذا الامنسان أن يثق بهذه المؤسسة؟ وكيف لا يفكر هذا الانسان باللجوء الى كل ما يعتقد أنه يحميه ويؤمن له الحياة الحرة الكريمة؟
لقد ظهر عجز المجتمع الدولي، أو ربما انحيازه في فشله في إصدار قرار يمنع استخدام الأسلحة المحرمة بحق الأطفال والنساء، ويمنع أيضاً تعرّضهم للإبادة بتلك الاسلحة الفتاكة، حتى ولو لم تكن مصنفة في قوائم الأسلحة المحرمة دوليا.
جلّ ما استطاع أن يفعله هذا المجلس هو إصدار قرار بوقف اطلاق النار في كل سورية، دون تحديد آليات لتنفيذه. وقبل أن يجف الحبر الذي كُتب فيه القرار، كان النظام السوري وراعوه يشنون هجوماً برياً واسعاً على أهالي الغوطة من ثلاث جهات، مستخدمين كل ما يستطيعون من قوة نارية، فيما المجتمع الدولي ومجلس الأمن والعالم العربي يغط في سبات عميق، في مشهد يشسبه ارتكاب المجازر تماماً، وكأن النظام يرتكب تلك المجازر بالأسلحة، والعالم يرتكبها بالصمت، فهي مشتركة بين الطرفين، كل منها مسؤول أمام الله والتاريخ.
لم يعد لأهالي الغوطة ولثوارها في هذه الأوضاع والظروف الضاغطة، وفي زمن التخلي والتخاذل والصمت إلا الله، والاعتماد على أنفسهم، ولعلها حقيقة أدركوها منذ زمن بعيد عندما صدحت حناجرهم باكراً في الأيام والشهور الأولى للثورة: "ما النا غيرك يا الله".
أما العالم العربي المحيط بالقطر السوري فحاله أسوأ من العالم الخارجي.. هو يرى ويسمع ما يجري، وكل ما يعنيه هو أزمة النازحين السوريين وأثرهم على الاقتصاد الوطني.
المكتب الإعلامي المركزي