تعاون انتخابي
الإثنين 5 شباط 2018
تفتح اعتباراً من اليوم وزارة الداخلية أبوابها للذين يريدون التقدم بترشيح رسمي للانتخابات النيابية، ويظل هذا الباب مفتوحاً حتى مساء الخامس من آذار المقبل، ومن المنتظر أن يبدأ المستقلون بتقديم أوراق ترشيحهم تباعاً، فيما تتريّث الاحزاب والقوى السياسية في ذلك لمزيد من بحث تصورات التحالف في مختلف الدوائر، وبالتالي يمكن البناء على الشيء مقتضاه.
بات معروفاً أن التعاون الذي اعتمد فرض على أغلب إن لم يكن كل القوى السياسية حاجتها الى بعضها، وبالتالي فهي مضطرة الى نسج تحالفات لم تكن في وارد أي منها في وقت من الأوقات. لأن القانون فرض تنوّعاً في اللائحة الواحدة، ومنع الترشح فردياً الى الانتخابات.
ستتنوع التحالفات بين القوى السياسية. هي تحالفات انتخابية بالدرجة الأولى، وليست تحالفات سياسية. ولكنها ستكسر حدة الانقسام السياسي في البلد. ستخرج البلد بكشل أكثر من الاصطفافات الثنائية التي كانت قائمة. سيكون هناك تحالف ربما للأضداد. وهنا يجب الالتفات الى مسألة في غاية الدقة بالنسبة للناخبين المسيّسين، أو الملتزمين سياسياً بأحزاب وقوى وتنظيمات. هؤلاء قد تصدمهم التحالفات، فمن كان منافساً وخصماً سياسياً بالأمس قد يصبح حليفاً انتخابياً اليوم. والعكس صحيح. وبالتالي فهم مطالبون بأن يكيّفوا أنفسهم مع هذا الواقع والمشهد الجديد، والخروج مرحلياً من بعض الأعباء التاريخية التي قد يستخدمها ويثيرها البعض اليوم لمواجهة التحالفات الانتخابية المتوقعة.
أما التمسك بثقل أوزار التاريخ حيناً، وشدة المنافسة السياسية في المراحل الماضية حيناً آخر، وحفظ المبدئية حيناً ثالثاً، فإنه بكل تأكيد سيترك أصحابه دون حلفاء انتخابيين، وبالتالي فإنه سيجد نفسه وحيداً في ساحة معركة تتطلب أن يكون فيها حلفاء، هم منافسون في الوقت ذاته بالنظر الى الصوت التفضيلي، وبالتالي فإن أصحاب هذا الخيار سيكونون أكبر الخاسرين. سيمر الاستحقاق، وسيجدون أنفسهم قد خاضوا معركة بغير ادواتها، وبالتالي سيجدون أنفسهم ضحاياها وخارج نتائجها، وخارج الندوة النيابية تالياً.
هذه المرحلة عنوانها التحالف الانتخابي، وهو أشبه بتعاون أكثر منه تحالفاً. لأن التعاون سيكون لتخطي العتبة الانتخابية، بينما التنافس مع الحليف في اللائحة ذاتها سيكون على الصوت التفضيلي. فهو إذاً تعاون وليس تحالفاً، لذلك يجب أن يغلّب الاعتبار على ما سواه.
تبقى مسألة مهمة ، هي أن يبادر الناخبون منذ اليوم الى تحمّل مسؤولياتهم خاصة للخروج من نفق هذه الأزمات، وذلك من خلال ولوج مرحلة التغيير الديمقراطي، وتجديد السلطة من خلال الوجوه الجديدة، والقوى الجديدة والحية والفاعلة، والتي لم تختبر بعد بشكل كامل. علّنا نبدأ رحلة الخروج من الأزمات.
لكننا لا ينبغي ان نغفل عن اننا قد نكون أمام نموذج جديد من الحياة السياسية، يختلف عما سبقه.. فهل سوف ينهض بالحياة السياسية ويدفعها الى الأمام.. أم أننا قد نكون أمام العكس ؟!
المكتب الإعلامي المركزي