استحقاق تشكيل الحكومة
الإثنين 7 تشرين الثاني 2016
وأخيراً انتهى الشغور في سدة الرئاسة الاولى بانتخاب رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد شغور امتد لقرابة عامين ونصف، وبعد خمس وأربعين جلسة للمجلس النيابي لم يكتمل النصاب فيها إلا في الأخيرة التي انتخب فيها عون بموجب تسوية أو صفقة مع "تيار المستقبل" جاءت بالرئيس سعد الحريري الى سدة الرئاسة الثالثة رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة بموجب الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية بعد يومين من انتخابه.
إذاً التحدي الآن والاستحقاق، هو في تشكيل الحكومة وفي تفاصيلها تكمن شياطين الانس والجن.
لقد ذهبت معظم الكتل النيابية الى تسمية سعد الحريري لرئاسة الحكومة، باستثناء كتلة نواب حزب الله ونائب البعث السوري. وهذا يعني أن الكتل التي سمت الحريري لرئاسة الحكومة تريد حصتها الوزارية في هذه الحكومة التي يريدها رئيسها المكلف حكومة وحدة وطنية بما تعنيه الكلمة من معنى، إلا أن الأمور يبدو أنها لا تسير الى الآن باتجاه ما يمكن اعتباره مشجعاً على الرغم من المواقف الايجابية التي تطلقها معظم الكتل والاطراف.
تفاصيل التشكيلة الحكومية تبدو معقدة وفيها بعض الاشكاليات التي قد تؤخر ولادتها. فهناك قوى سياسية وكتل نيابية تعتبر بعض الوزارات بمثابة محميات وزارية لها لا يمكن مسّها أو الاقتراب منها، وهذا بالطبع يعقد المشهد، خاصة وأن فخامة الرئيس يفضّل مبدأ المداورة في الوزارات، فضلاً عن أن قوى سياسية تمثل شرائح مجتمعية تتطلع الى بعض الوزارات التي تعد من المحميات، وبالتالي فإن مثل هذه التفاصيل قد تعقّد المشهد وتؤخر ولادة الحكومة التي يرغب الرئيس المكلف تشكيلها.
إضافة الى ذلك، فإن حرص الرئيس المكلف على تشكيل حكومة وحدة وطنية يعد من الأمور الجيدة في هذه المرحلة التي يمر فيها لبنان، إلا أن ذلك يدفع الى السؤال: هل سيمارس الرئيس المكلف هذا المبدأ في الساحة الأساسية التي ينتمي اليها ويمثّل جزءاً أساسياً وكبيراً منها بحيث يفتح المجال في الحكومة لتتمثل قوى سياسية أخرى تشاركه تمثيل هذه الساحة التي تنتمي اليها أيضاً؟ أم أنه في هذه الساحة سيمارس مبدأ احتكار التمثيل الأحادي، وهو بالطبع مظهر إن حصل يضفي مزيداً من الضعف على هذه الساحة، فضلاً عن الانقسام والاحباط الذي تعانيه، لذا فإنّ من المهم جداً أن يلتفت الرئيس المكلف الى هذه الناحية بحيث لا يتم اهمالها ثم يحصد نتائج ذلك لاحقاً، وبالطبع فإن ذلك سيزيد من حالة الإحباط، فضلاً عن الانقسام في وقت تعيش الساحات الوطنية الأخرى حالة من التوازن والتكامل بين ثنائياتها.
يبقى أمر مهم يتعلق بالبيان الوزاري وخطاب القسم الذي رسم من خلاله رئيس الجمهورية الخطوط العريضة لعهده، وقد أعطى انطباعات ايجابية تحتاج الى تنفيذ حتى تتحول من مجرد انطباعات الى ارتياح واستقرار داخلي، ولعل أهم وأبرز ما يجب تأكيده عليه وفعله المحافظة على سيادة البلد، وعدم السماح بتجاوز السيادة والقانون، والقفز فوق الحدود لجر الويلات الى الداخل.
تحديات كثيرة تواجه العهد والحكومة العتيدة التي يتمنى أغلب اللبنانيين أن يكون استحقاق تشكيلها ناجزاً وسريعاً حتى لا يصاب بالشغور الذي أصاب استحقاق الرئاسة الأولى.
المكتب الإعلامي المركزي