من الاستقالة الى أسبابها

الإثنين 20 تشرين الثاني 2017

Depositphotos_3381924_original

 

يمكن القول إن الحديث عن استقالة الرئيس سعد الحريري بات من الماضي، ولم يعد للحديث في الاستقالة من عدمها جدوى. الرجل صار في باريس، وقد ينتقل الى القاهرة، ومن ثم وعد أنه سيكون في بيروت لحضور حفل الاستقلال يوم الاربعاء المقبل. بمعنى آخر الحديث عن احتجاز أو توقيف أو إقامة جبرية لم يعد له مكان وتأثير على مجريات الأمور. الحريري سيتكلم في بيروت بما لم يتكلم به في باريس. سيقول ما يجب قوله، ولربما في الأساس من ذلك تثبيت استقالته، ومن ثم الدخول الى واقع جديد له ظروفه الخاصة.
الحديث من الآن وصاعداً سيكون مركّزاً على أسباب الاستقالة، وبغض النظر اذا ما كانت عن قناعة أو نتيجة ضغط!
الحقيقة أن هناك أسباباً لا يمكن القفز فوقها أو تجاهلها يمكن أن تشكّل أو لربما شكّلت سبباً لاستقالة الحريري، ومن هذه الاسباب ما هو داخلي له علاقة بأداء مواقع القرار، أو بالأحرى بالصلاحيات المنوطة بالمؤسسات الدستورية. وهنا يجري الحديث عن ضرورة إرساء نوع من التوازن والاتزان في أداء هذه المؤسسات وفقاً لما أقره الدستور واتفاق الطائف، خاصة أن شعوراً نما في الكثير من الأوساط أن التسووية التي أنهت الفراغ الرئاسي وأتاحت تشكيل الحكومة، والممارسة التي أعقبتها لم تحترم الصلاحيات والنصوص الدستورية فكان فيها ما يشعر أن فريقاً قد انتصر، وفريقاً آخر انهزم، في البلد الذي لا يحتمل صيغة الغالب والمغلوب، وعليه فإن هذا الشعور تحوّل الى سبب يحتاج الى علاج حتى يتم استدراك الأزمة ووضع الحل المناسب لها. وبالطبع هذا جزء من الاسباب الداخلية.
وهناك مسألة النأي بالنفس عن أحداث ومشاكل المنطقة، ولبنان بلد أصغر من أن ينخرط في تلك الأحداث ويتحمل تبعاتها. والمعروف أن الأطراف اللبنانية كافة التزمت في حوار قصر بعبدا أيام الرئيس السابق ميشال سليمان بسياسة النأي بلبنان عن مشاكل المنطقة. وهذا ما لم يتم الالتزام به عند ترجمة تسوية إنهاء الفراغ الرئاسي العام الماضي، وبالتالي فإن الحل يحتاج أيضاً الى معالجة هذا السبب، حتى يتمكن لبنان من عبور هذه الأزمة، ويتعافى من آثار أزمة الاستقالة.
أما القفز فوق هذه الاسباب وعدم الالتفات اليها فيعني أن الأزمة ستكون أكثر تعقيداً، والبلد سيكون عرضة لمزيد من الضغوط، وربما المخاطر، وهنا يكمن بيت القصيد، ولعل إطلاق حوار وطني لتفكيك هذه العقد يشكّل بداية الخروج من نفق هذه الأزمة قبل اختناق البلد بشكل تدريجي، مع كل تجاهل لأسباب الاختناق.
ستكون للرئيس الحريري وقفة مفصلية عند عودته الى قصر الوسط، والاستقبال الجماهيري الذي سيكون بانتظاره..لكن هذه الوقفة سوف تكون انطلاقا لمرحلة جديدة، قد يكون لها طابعها الشعبي و السياسي.

المكتب الاعلامي المركزي