الاستحقاق والثمن الباهظ

الإثنين 24 تشرين الأول 2016

Depositphotos_3381924_original

 فعلها رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، وأعلن دعم ترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وقطع بذلك الشك باليقين، وصار الاهتمام منكبّاً على أمرين: موقف الاطراف الاخرى، لا سيما في فريق 8 آذار من جلسة الانتخاب المقررة يوم الاثنين المقبل 31/10/2016، وموقف أعضاء في كتلة المستقبل وكتل حليفة من ترشيح عون للرئاسة، في ضوء دعم الحريري له.
أولاً لا يعني ترشيح الحريري أو دعمه لعون في معركة الرئاسة أن عون قد وصل وصار رئيساً، فدون ذلك عقبات كثيرة لا تبدأ مع موقف الرئيس بري فحسب، ولا تنتهي في الانقسام الذي نراه في كتلة المستقبل. القضية أعمق من ذلك حتى في موقف حزب الله ذاته، على الرغم من أن أمينه العام حاول أن يقطع الشك باليقين خلال كلمته أمس الأحد، ومن خلال تعهده الواضح بالتصويت لصالح عون.
من حق أي شخص أن يرشح أو يدعم ترشيح من يريد، ولكن ذلك يكون عندما يكون الأمر له بُعد فردي وليس له أي تأثير على الجماعة التي يمثلها. وفي موضوع ترشيح عون لا بدّ من التتوقف عند الاثمان التي ستدفع في مقابل انجاز هذا الاستحقاق، والمقابل الذي سيجنيه الوطن مقابل ذلك.
لقد ساق الرئيس الحريري مجموعة من المبررات والمقدمات لاقناع جمهوره والتيار الذي يمثله بأن خيار دعم ترشيح عون لا بدّ منه، وأنه خيار مبرّر ومقبول وأقل كلفة من استمرار الفراغ.
وبغض النظر عن الماضي الذي لا يمكن تجاهله للمرشح، والسياسات والنهج الذي سلكه طيلة الفترات الماضية، وبغض النظر غن الاصطفاف الذي وقف فيه ليغطي المتجاوزين على سيادة الدولة والقانون. فإن هناك الكثير من الهواجس التي تعتري العديد من المواطنين والشرائح، إذ ماذا سيكون موقف المرشح الرئيس من قضايا محل جدل وخلاف داخل البلد.
ابتداء من قضية السلاح غير الشرعي، مروراً بتجاوز السيادة والحدود، وصولاً الى تجاوز القوانين في الداخل، وقد لاحظنا امس أن أبرز الداعمين للمرشح وضعوا له خطاً أحمر على موضوع عودة مسلحيهم من سوريا، حيث يتجاوزون يومياً سيادة لبنان وحدوده، ويقرّرون ما يريدون دون استشارة أو استئذان الدولة ومؤسساتها. ترى هل يستطيع المرشح اجابة اللبنانيين على هذا الهاجس والسؤال؟ وتالياً هل يستطيع من يدعم هذا الترشيح أن يجيبنا عن هذا السؤال؟ أم أن منطق تجاوز سيادة الدولة والقانون سيصبح مع المرشح الرئيس "مشرعناً"" وتحت غطاء احدى مؤسسات الدولة (رئاسة الجمهورية)؟
إن المضي بهذا الخيار فيه نوع من الانتحار ليس للاشخاص الذين يريدون المضي به، إنما بحق كل الكتلة التي يمثلها هؤلاء. وهنا لا بدّ من القول إن منطق التضحية من أجل الوطن شيء مقدّس ومهم، ولكن شرط أن تصب في صالح خلاص الوطن من أزماته، وإعادة بناء الدولة على أسس شفافة وواضحة من المصداقية والعدالة والتكافؤ، أما أن يتحول الأمر الى رهن كل مستقبل البلد ليكون بأيد يمكن أن تواصل العبث به، فهذه ليست تضحية من أجل البلد، إنما تخل عن كل شيء.

المكتب الإعلامي المركزي