ما بعد الاستقالة

الإثنين 6 تشرين الثاني 2017

Depositphotos_3381924_original


مفاجئة جاءت استقالة رئيس الحكومة، سعد الحريري، سواء لجهة التوقيت أو لجهة المكان. لم تكن الأجواء توحي بأن الرئيس الحريري في وارد تقديم استقالته من رئاسة الحكومة، بل كانت الأجواء توحي أن الأمور ثابتة ومستقرة على الرغم من الأزمة السياسية التي كانت واضحة، وكانت تتنامى وتكبر يوماً بعد يوم.
من الواضح أن للاستقالة أسباباً كثيرة داخلية وخارجية، ولكن تبقى الصورة التي ظهرت فيها كأنها استجابة لضغط خارجي لا سيما من المملكة العربية السعودية، وهي قد تكون مقدمة لخطوات أخرى قد تحّول لبنان الى ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية، ومنها السعودية الايرانية، وبالطبع فإن لبنان بلد أصغر من أن يحتمل هذه التجاذبات وأن يكون ساحة لتصفية الحسابات. كما أن الطريقة التي اعلنت فيها الاستقالة أظهرت تفرّد الرئيس بها كما حصل في ملف التسوية، وهو الامر الذي قد لا تحتمله الساحة اللبنانية والاسلامية فيها، وهي التي تدفع ثمنه.
من الواضح الآن أننا بتنا أمام أزمة سياسية من العيار الثقيل، خاصة أن أي شخصية في الساحة الاسلامية غير مستعدة في هذه الأجواء والظروف للمغامرة وقبول تكليف تشكيل الحكومة إن حصل. البلد الآن أمام أزمة سياسية يحتاج فيها الى حل قبل أن تحل به الكوارث أو تتفاقم الأزمات. لأن من الواضح أيضاً أن الأجواء الاقليمية والدولية التي سبقت الاستقالة كانت توحي بالضغط على ايران وحزب الله تحديداً لتحجيم الدور الايراني في المنطقة. وهذا يعني أنه قد يكون هناك خطوات لاحقة للاستقالة لا نعرف طبيعتها ولا حجمها ومدى تأثيرها.
إن مصلحة لبنان تقضي باحتواء هذه الأزمة من خلال تسوية سياسية جديدة تكون أكثر انصافاً لكل الأطراف. إذ من غير المنطقي أن لا تحترم صلاحيات المؤسسات في هذا البلد. ومن غير المنطقي أن يتم القفز فرق سيادة الدولة، أو أن لا يكون المواطنون متساويين بالحقوق والواجبات. هذا ولّد شعوراً واضحاً بالقهر والغلبة. واستشعار المسؤولية الحالية تحتّم التوصل الى تسوية منصفة تحترم عمل المؤسسات وصلاحياتها، وتلتزم سيادة الدولة ومنطق القانون، ويتساوى فيها المواطنون بالحقوق والواجبات، والمبادرة والمسؤولية تبدأ أساساً من رئيس الجمهورية الذي ارتضى أن يكون حكماً بين المؤسسات باسم الدستور.
أما ما يدور عاى الالسنة كسبب للاستقالة، سواء كان الحديث عن محاولة اغتيال تستهدف الرئيس الحريري، أو ارتباط تقديم الاستقالة من السعودية واستمرار بقاء الرئيس الحريري فيها، بأن تكون له علاقة باعتقالات بعض الامراء والوزراء ورجال الاعمال..
فكل ذلك كلام سابق لأوانه، وما نتمناه هو أن يعود الرئيس الحريري ويجيب على الاسئلة المطروحة، حتى لا تشكل ادانة له ولكتلته السياسية..
المكتب الاعلامي المركزي