موازنة وتوازن!
الإثنين 16 تشرين الأول 2017
يوم الثلاثاء تنطلق جلسات المجلس النيابي المخصصة لمناقشة موازنة العام 2017 بعد تأخر كبير، وبعد انقطاع عن تقديم موازنة عامة طيلة السنوات الماضية. وإذا استطاع المجلس النيابي إقرار الموازنة فيكون ذلك أمراً جيداً حتى لا تبقى حركة الصرف المالي في الدولة محكومة بقاعدة الصرف الكيفي اذا صح التعبير، وفقاً لما يعرف بقاعدة "الاثني عشرية".
واقرار الموازنة بالطبع يحدّ ولو قليلاً من الفساد المستشري في ادارات الدولة، وربما يضع بعض الحدود للهدر. واذا ما تمّ فسيكون انجازاً للحكومة والمجلس النيابي والعهد أيضاً.
إلا أن اقرار الموازنة بحاجة الى الانتهاء من عقدة قطع الحساب عن السنوات المنصرمة. إذ تمانع بعض القوى السياسية اجراء قطع حساب عن تلك السنوات تحت حجة أن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة صرفت مبالغ كبيرة (11 مليار ليرة) بطريقة غير قانونية عندما كانت نافذة "للميثاقية" كما تعتبر هذه القوى. وهذه العقدة أخرت إقرار الموازنة طيلة السنوات الماضية، وهو ما يعتبر مخالفة دستورية كبيرة كما أشار الى ذلك اكثر من مسؤول، وبالتالي فإن صرف الـ 11 مليار اذا كانت مخالفة، فإن تأخير إقرار الموازنات طيلة السنوات الماضية فيه أيضاً مخالفات كبيرة، وبالتالي فانه لا بدّ من وضع حد لتلك المخالفات التي يدفع ثمنها الشعب اللبناني، من دون أن تكون التسويات على حسابه.
ثم إن مناقشة الموازنة التي تقدمت بها الحكومة يتحمل النواب مسؤولية عدم فرض ضرائب جديدة على الفئات الشعبية الفقيرة، وعلى العمال والمستخدمين، فضلاً عن ضرورة أن تتضمن هذه الموازنة توازناً في عملية الإنماء بحيث تشمل كل المناطق وكافة القطاعات ومختلف المناحي الحياتية ولا يكون لحساب مؤسسة على حساب مؤسسة أخرى، مع ضرورة التركيز على وقف الهدر والفساد.
وبما أننا تطرقنا الى مسألة التوازن في الإنماء، فلا بد من توازن أيضاً في السياسة والأداء الحكومي) لا سيما في السياسة الخارجية إنسجاماً مع خطاب القسم والبيان الوزاري لجهة نأي لبنان بنفسه عن مشاكل المنطقة.. وهنا لا بدّ من التذكير بموضوع التطبيع مع النظام السوري قبل انتهاء هذه الأزمة، وكذلك بملف النازحين الذين باتوا عرضة "للشيطنة" كمقدمة لترحيلهم من البلد في ظروف لا يأمنون فيها على حياتهم وأمنهم الشخصي، قبل إقرار التسوية الكاملة والشاملة في سوريا.
لبنان بحاجة الى كل هذه التوازنات فضلاً عن الموازنة المالية حتى تظل الأمور فيه مستقيمة ومستقرة. ومن بين ذلك أيضاً مسألة عدالة القانون والقضاء، وقد سمعنا في الآونة الأخيرة أن التشكيلات القضائية التي تمت جرت وفق منطق المحاصصة والاستنسابية، وهذا يعطي الذريعة للمواطن للتشكيك بعدالة ونزاهة القضاء، في حين أن المطلوب كان وسيظل ضرورة تعزيز ثقة المواطن بالقضاء والقانون والمؤسسات، وهنا نعود ونؤكد على ضرورة أن لا يظل المواطن يشعر بالصيف ولاشتاء تحت سقف واحد، والمثال على ذلك ما يجري مع الموقوفين الاسلاميين.
المكتب الإعلامي المركزي