الحكمة والتأني!

الإثنين 10 تموز 2017

Depositphotos_3381924_original


التركيز خلال الاسبوع الماضي كان على ملفّين أساسيّين يتصلان باللجوء السوري الى لبنان. الملف الأول هو مسألة اللجوء السوري بحد ذاته والحديث عن إعادة اللاجئين الى سوريا، وعن فتح حوار وتنسيق بين الحكومة اللبنانية و حكومة النظام السوري لأجل إتمام هذه الغاية. والحقيقة أن قوى سياسية مشاركة في الحكومة وفي مقدمها تيار المستقبل والقوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي شجعت هذا الطلب لأن هذا الحوار والتنسيق يهدف الى تقييم النظام السوري في مرحلة يجري الترتيب لوضع حل نهائي للأزمة السورية، سيكون النظام الحالي برموزه من ضمنها كما بات واضحاً ومعلوماً، وبالتالي فإن حل أزمة اللجوء تكون من خلال حل الأزمة بشكل كامل، وليس لحساب تعويم النظام وتأهيله من جديد، وجعل لبنان بوابة لعبوره الى العرب والعالم.
أما حديث البعض عن تسخيف الرفض، والدعوة الى التعامل بشكل واقعي مع الحديث بمعنى الدعوة الى التنسيق والحوار، فإن الرد على ذلك يكون من خلال التعامل بشكل واقعي مع ملف اللجوء وعدم تضخيم مخاطر هذا اللجوء، علماً أن لبنان يستفيد من موضوع اللجوء بشكل كبير، بخلاف ما يتوهمه البعض عن خسائر فادحة أصابت الاقتصاد اللبناني. وأيضاً من خلال الدعوة الى التعامل الانساني وعدم الاستغلال السياسي، إذ كيف يتم ضمان عودة اللاجئين الى مناطق يسيطر عليها النظام دون ضمانات دولية لسلامتهم وعدم الانتقام منهم.
ويبقى المهم في هذا الملف هو أن تقارب الحكومة اللبنانية هذا الملف من الزوايا الانسانية والواقعية المجرّدة، وليس من زاوية الاستغلال السياسي والتوظيف لصالح أجندات أخرى.
أما الملف فهو الحديث عن وفاة أربعة لاجئين سوريين بعد اعتقال العشرات، بل المئات بعد مداهمات قام بها الجيش لمخيمات اللاجئين في منطقة عرسال، والمفارقة أن وفاة الأربعة جاءت بعد توقيفهم وقبل التحقيق معهم، وقالت قيادة الجيش إن الوفاة كانت بسبب ظروف صحية خاصة، وظروف مناخية مرافقة، لكن منظمات حقويقية بينها مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش شككت بالرواية، وطلبت فتح تحقيق لكشف الملابسات وجلاء الحقيقة ومحاسبة المسؤولين إذا ثبت أي تجاوز للقانون والحقوق الانسانية، وبالفعل تم فتح التحقيق، ولكن يبدو أن هناك ضغوطات لحرفه عن مساره الصحيح.
ما يهم في هذا الموضوع أن تبقى المؤسسة العسكرية محافظة على سمعتها التي تمتعت بها على الدوام، وأن لا تنجر الى ممارسات تفقدها مناقبيتها، وثقة اللبنانيين وحتى المجتمع الدولي بها، خدمة لأجندات سياسية تحاول بعض القوى فرضها أو استغلالها. وفي هذا السياق نقلت أوساط حكومية عن رئيس الحكومة قلقه من محاولات توريط الجيش في مواجهات يقوم بها البعض في جرود عرسال، اعتبر ذلك ضرباً لدور المؤسسة، واستغلالاً لوجودها.
يبدو اليوم أن محاولة شيطنة اللجوء السوري في لبنان، والتعامل معه على أنه حالة "ارهابية" تهدف الى طرد هؤلاء بطريقة ما، أو الى اخافتهم وإرهابهم مقدمة لتدجينهم وإعادتهم الى بيت الطاعة التي كان يحكمها النظام، وقد لا يكون للبنان أي مصلحة في ذلك، لذا وجب التعامل مع هذا الملف بكثير من الحكمة والتأنّي.
المكتب الإعلامي المركزي