قانون ربع الساعة الأخيرة!
الإثنين 19 حزيران 2017
وأخيراً أقرت الحكومة مشروع قانون الانتخاب وأحالته الى المجلس النيابي الذي عقد بدوره جلسة عاجلة يوم الجمعة الماضي وأقر مشروع القانون بمادة واحدة ومن دون نقاش لمواده أو تعديل أي منها، مع العلم أن رئيس المجلس ترك المجال للنواب للتعبير عما يجول في خاطرهم، إلا أن ذلك لم يغيّر من مواد القانون شيئاً. وهكذا أنجز المجلس في ربع الساعة الأخير هذا القانون من غير نقاش جدي، وبقي أن يصادق عليه رئيس الجمهورية وينشر في الجريدة الرسمية، مع حفظ حق الطعن أمام المجلس الدستوري لرئيس الجمهورية، وهو عرّاب الاتفاق، وبالتالي فلن يطعن به. ورئيس المجلس النيابي وهو أيضاً من المدافعين عنه، ولن يطعن به أيضاً. وكذلك رئيس مجلس الوزراء الذي اعتبر أن حكومته قدّمت إنجازاً عظيماً خلال فترة وجيزة، ووفت بما وعدت به، وبالتالي فهو لن يطعن به أيضاً.بقي أن يتأمن عشرة نواب للطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري، وهذا مشكوك بتوفره خاصة أن من صوّت لصالح القانون 115 نائباً من أصل 119 حضروا الجلسة.
إذاً بتنا أمام قانون انتخاب جديد، ولم يعد من حجة لأحد بانتقاد قانون الستين وتحميله مسؤولية الفشل في البلد. فماذا تضمّن هذا القانون؟ وهل فعلاً يعتبر قانوناً نموذجياً؟
لقد قسم قانون الانتخاب لبنان الى خمس عشرة دائرة تتفاوت حجماً وشكلاً وتداخلاً، وهذا بالطبع يطعن في المعيار الذي اعتمد عند تقسيم الدوائر، فضلاً عن أن تقسيمها حمل بشكل واضح وجلي بعداً طائفياً ومذهبياً، وإن جرى تطعيمه ببعض المقاعد من طوائف أخرى .فعلى سبيل المثال نجد أن دائرة طرابلس المنية الضنية دائرة سنية بامتياز، في حين أن دائرة بشري زغرتا البترون الكورة دائرة مسيحية بامتياز. أما دائرة صور قرى الزهراني فهي دائرة شيعية بامتياز.
وإذا أمعنّا النظر أكثر سنجد أن دائرة صيدا جزين ضمّت منطقتين غير متصلتين جغرافياً، وقد فصلت قرى قضاء صيدا عن المدينة في حين أنها ضمّت الى دائرة صور.
إذا على صعيد الدوائر تجد أنها اعتمدت المعيار الطائفي والمذهبي قبل كل شيء ولم تعتمد معيار العدد والجغرافيا وما سوى ذلك من المعايير.
أما بالنسبة للاقتراع فقد اعتمد القانون النظام النسبي على مستوى الدوائر عن طريق تشكيل اللوائح المكتملة أو الناقصة. وجعل الصفة الانتخابية مجموع عدد من المقترعين في الدائرة مقسوماً على عدد نواب الدائرة، وهنا أيضاً ستكون عتبة التمثيل مختلفة بين دائرة وأخرى .إضافة الى ذلك اعتمد القانون الى جانب النسبية نظام الصوت التفضيلي على مستوى القضاء الاداري، وهذا ما يعزز في مكان ما الخطاب العنصري الضيق والطائفي لأن المرشح سيكون حريصاً على إرضاء ناخبيه في القضاء، وهم في أغلب الاحيان يكونون من لون طائفي واحد، خاصة إذا أدركنا أن الصوت التفضيلي هو الذي يقرر الفائز في أية لائحة بعد تجاوزها عتبة التمثيل .طبعاً هناك حديث يطول في أمور أخرى لها علاقة بالانفاق والاعلان والاعلام وغيره، ولكن على الرغم من كل ذلك بات عند اللبنانيين قانون جديد، والانتخابات تجري بعد عشرة أشهر تقريباً، وهي فرصة جيدة لكل القوى حتى تتحضر لخوض الغمار الانتخابي والصعود الى المجلس النيابي.البعض يقول إنه قانون ربع الساعة الأخير، وهو كذلك، ولكن البعض الآخر يقول إنه أنقذ البلد من الدخول في الفراغ . انتهى وقت انتقاد القانون، وبدأ وقت العمل لخوض الاستحقاق، وعند الامتحان تكرم "القوى" أو تهان!!
المكتب الإعلامي المركزي