الإستفتاء والانتخاب!
الإثنين 17 نيسان 2017
الاسبوع الماضي وصلت أزمة الاستحقاق النيابي في لبنان الى عنق الزجاجة التي كادت تختنق بها، لولا تدارك المسألة في ربع الساعة الأخير. الجلسة التشريعية التي كانت مقررة يوم الخميس الماضي، التي كان من المنتظر أن تمدّد ولاية المجلس النيابي الحالي لعام كامل، وأحدثت توتراً كبيراً في البلد كاد يخرج الأمور عن نطاق السيطرة، أو ربما ينزلق بها الى الشارع، مع ما يمكن أن يعنيه ذلك من فوضى ومجهول، إلا أن لجوء رئيس الجمهورية الى استخدام حقه الدستوري بتعليق عمل المجلس النيابي لمدة شهر كامل فتح فجوة في جدار الأزمة، وأتاح مزيداً من الوقت للبحث عن صيغ جديدة لقانون الانتخاب تكون محل رضا وقبول أغلب الأطراف. ولكن السؤال: هل ستتمكن القوى السياسية الاساسية من الافادة من مهلة الشهر، وبالتالي الاتفاق على قانون انتخاب جديد قبل الوقوع في المحظور أوالمجهول.
المؤشرات حتى الساعة لا تنبئ بالخير الكثير، فالمواقف على حالها، وكل طرف يتمسك بمصالحه حتى النفس الأخير، ويريد أن يحقق فوزاً يخوّله احتكار السلطة عبر قانون خاص، ولكن الحقيقة أيضاً أن أغلب القوى السياسية استشعرت عشية الجلسة التشريعية التي كانت مقررة يوم الخميس الماضي الخطر المحدق بلبنان وبها جميعاً، فدخول اللعبة ليس كالخروج منها، ودول الجوار أكبر شاهد على ذلك، ومن هنا فإن هذا الاستشعار للخطر قد يدفع في اللحظات الأخيرة قبل الخامس عشر من أيار المقبل الى الاتفاق على قانون انتخاب تجري الانتحابات على أساسه نهاية الصيف المقبل، أو بداية صيف العام 2018، وإلا فإن مصير البلد سيكون مجهولاً، ومعه قد تختلط الأوراق من جديد بما لا يمكن لأحد أن يتنبأ كيف يكون الخلاص. ولا يمكن أن يكون ذلك من طرف واحد، أو على حساب طرف واحد فقط، فهذا ما من شأنه أن يولّد أو أن يزيد حجم الشعور بالغبن أو الاحباط وبالتالي فإنه يقلّص الثقة بالدولة ومؤسساتها، وربما يزيد الأزمة تصعيدا وسلبية.
وإذا كان هذا حال لبنان، فإن شعوب المنطقة الاخرى تجد طريقها لحل أزماتها أو سبلها لتطوير مجتمعها من خلال العودة الى الشعب، صاحب القرار والسيادة على نفسه، لتلمّس طريق خروج من أي أزمة، أو الدفع بالبلاد نحو مزيد من التقدم والنهوض، وقد تابعنا يوم الأحد كيف خرج الأتراك بالملايين (خمسين مليون تركي) الى صناديق الاقتراع يدلون برأيهم في تعديلات جوهرية على نظامهم السياسي، وفي أجواء من التنافس الديمقراطي الحر، وبعيداً عن كل أشكال التعطيل أو مزاجية أو الاستنسابية والمصالح الضيقة. خرج الناخبون وقالوا كلمتهم. منهم من قال نعم، ومنهم من قال لا. المهم أنهم تنافسوا بحرية، وتقبلوا نتائج الاستفتاء باحترام، وقدّموا مصالح البلد على ما سوى ذلك من مصالح، وهذا بالطبع يجعلنا نحترم هذه الارادة، ونوجّه التحية لهذا الشعب وحكومته وأحزابه على هذه التجربة الفريدة، التي لو احترمتها والتزمت بها دول أخرى في الجوار لوفّرت على شعوبها الكثير الكثير من الدماء، ولتمكنت من النهوض والمنافسة والانطلاق من جديد، لكنه الاستبداد في مواجهة الحرية.
المكتب الإعلامي المركزي