قبل الدخول في المجهول!

الإثنين 3 نيسان 2017

Depositphotos_3381924_original

كلما مرّ يوم، كلما اقتربنا من موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي الذي مدّد لنفسه، و اقتربنا أيضاً من انتهاء المهل الدستورية التي تعد جزءاً من العملية الناظمة لإجراء وإنجاز هذا الاستحقاق، فيما الوعود ما تزال تتوالى متفائلة بقرب التوصل الى اتفاق على قانون انتخاب يكون تمهيداً لتأجيل تقني للانتخابات الى أواخر الصيف المقبل.
قبل فترة حذّر رئيس المجلس النيابي من الفراغ في السلطة التشريعية (مجلس النواب) بل رفض الفراغ أصلاً في هذه السلطة على اعتبار أنها أم السلطات، واليوم كرر تحذيره من ذلك ومن النّية بالوصول الى "مؤتمر تأسيسي"، واعتبر ذلك "خراب البلد"، داعياً الى وضع اتفاق مبادئ لقانون الانتخاب اذا تعذّر الاتفاق على تفاصيل القانون، وتمديد ولاية المجلس النيابي تقنياً لبضعة أشهر.
يدرك رئيس المجلس، ومعه كثير من اللبنانيين جيداً أن فكرة الفراغ الشامل في مؤسسات الدولة، سنوات من الفراغ في السلطة التشريعية، وأنه سيقود لاحقاً بـ "إرادة أو من دون إرادة" الى مؤتمر تأسيسي يعيد تشكيل النظام السياسي، ويدرك ومعه أيضاً كثير من اللبنانيين أن فكرة المؤتمر هذه في هذه المرحلة هي مشروع حرب أهلية جديدة لا سمح الله، قد يعرف البعض كيف يدخل فيها، ولكن بكل تأكيد ما من أحد يعرف كيف ومتى وبأي الأثمان يمكن أن يخرج منها. القضية بهذه الخطورة وبهذا الحجم ولا يستخفنّ أحد بهذه المسألة، إذ أن النيران التي تشتعل من حولنا في الأقطار العربية تعود في أسبابها الى الهيمنة التي كان يفرضها البعض أو التي حاول فرضها البعض الآخر.
المسألة إذاً بحاجة الى مسؤولية، الى قرار جريء وشجاع في الحكومة أو في أي مكان آخر، يضع حداً لهذا التردي والتردد بهدف انقاذ الموقف. ولا يكون إنقاذ الموقف من خلال التراجع و"التضحية" على طريقة البعض، و إنما من خلال القيام بالدور والواجب، وليتحمل كل طرف مسؤوليته. فمن قال إن لفئة أكثر من فئة في هذا اللبنان؟
ما يزال هناك متسع من الوقت، ولو كان قليلاً للانفاق على قانون انتخاب، ولكن المسألة هي في الخروج من التفكير بمنطق المصلحة الهيمنة، والاقتناع بالشراكة الحقيقية الفعلية. لقد أكدنت تجارب التاريخ في هذا البلد استحالة أن تحكم فئة بقية الفئات، فلتكن القناعة اذاً بشراكة فعلية حقيقية تنصف الجميع وترسي الاستقرار.
لبنان لا يتحمل هزّات وحروباً جديدة، فالوضع الاقتصادي في الحضيض، والنفوس تكاد تكون معبّأة تجاه "الآخر"، وأبواب الفئات كافة مشرعة على الخارج، وعليه فإن اللبنانيين يجب أن يعوا هذه الحقائق قبل أن يصلوا الى المجهول الذي يمكن أن يختلط فيه كل شيء.
أمامنا فرصة سانحة قبل الوصول الى هذا المجهول، فإما أن تستثمر هذه الفرصة وإنقاذ البلد من هذا الخطر، وإما فأننا سنكون قد فرّطنا ببلدنا ومستقبل أبنائنا الى ذاك الأتون!.
ليست القضية مصلحة وطنية و لا حرصا على مستقبل البلد، و انما هي مصالح شخصية و حزبية و طائفية.. و لن يرحم التاريخ أولئك الساعين لتحقيق هذه المصالح.


المكتب الإعلامي المركزي