الأمن والثقة بالدولة!

الإثنين 23 كانون الثاني 2017

Depositphotos_3381924_original


الأسبوع الماضي اهتز الأمن مرتين. مرة دفع الى الشك بالدولة ومؤسساتها، ومرة ثانية استرد الثقة بهما.
في المرة الأولى أقدم مسلحون مجهولون "معلومون" عند الدولة، على خطف رجل سبعيني من امام محله التجاري في منطقة شتورا البقاعية، في وضح النهار، وأمام عدسات كاميرات المراقبة، وفروا به الى جهة مجهولة "معلومة" أيضاً عند الدولة. الرجل بقي في يد "الارهابيين" الخاطفين بضعة أيام قبل أن يتم تحريره. وفي هذه الفترة لجأ أهله وذووه ومعهم البقاعيون الأحرار الى التعبير عن رفضهم لهذه الظاهرة، ولفوضى السلاح، ولهذا التفلت الأمني الذي ينذر بفوضى عارمة، والأهم ينذر بفقدان الثقة بالدولة ومؤسساتها، فقطعوا بعض الطرق ليس لعرقلة حياة الناس، ولكن من أجل الضغط حتى يتم اطلاق سراح المخطوف من أيدي تلك المجموعات "الارهابية. اتخذ الجيش سلسلة تدابير أمنية وعسكرية في البقاع، طوّق بعض البلدات ورفع من إجراءات التدقيق عند الحواجز، إلا أن كل ذلك لم يطلق الرجل السبعيني سعد ريشا، إنما أطلقته الوساطة التي قادها النقابي والسياسي بسام طليس موفداً من الرئيس نبيه بري.
مشكور بالطبع الرئيس بري والنقابي طليس على هذه الجهود التي بذلاها لإطلاق ريشا. ولكن الحل ليس في الوساطات التي يقوم بها بعض الزعماء، وهي تسيء اليهم والى سمعتهم أكثر مما تخدمهم أو تجعلهم زعماء على المستوى الوطني. الحل بكل بساطة أن تقوم الدولة بواجبها بشكل كامل، وأن تضع حداً لحالة الفوضى وانتشار ظاهرة السلاح المنفلت والخارج عن إرادة الدولة.
يقول البعض أن هذا يحتاج الى توافق سياسي، أو ربما يقول آخرون فلتمض الدولة في هذا الطريق ولتقوم بواجبها في توقيف تلك العصابات "الارهابية". ولكن السؤال هل قيام الدولة بحفظ أمن المواطنين يحتاج الى توافق سياسي؟ إن إطلاق مثل هذه الدعوة هو أول اعتداء على سيادة الدولة وسيادة القانون، أما القول إن أحداً لا يقف أمام الدولة في القيام بدورها وواجباتها، فإن القاصي والداني يدرك أن أولئك "الارهابيين" يلوذون بالفرار الى المناطق التي تصنّف محميّات ممنوع الاقتراب منها تحت عناوين صدئة لم يعد أحد في لبنان مقتنع بها أو راض عنها.
اليوم هناك مسؤولية مباشرة تقع على عاتق القوى التي تملك السلاح خارج الدولة لأنها التي تعطي الذريعة لأولئك "الارهابيين"، وعليه فإن القضاء على هذه الظاهرة يحتاج الى قيام هذه الجهات بسؤوليتها عبر رفع الغطاء عن تلك المجموعات، أو بالأحرى تنظيم وجود السلاح ضمن إطار الدولة وتحت سقفها مهما كان العنوان الذي يتم التحرك تحته.
أما الحدث الأمني الثاني فكان في حديث الأجهزة الأمنية عن إلقاء القبض على أحد الأشخاص في مقهى في شارع الحمرا في بيروت، كان يهم بتفجير نفسه برواد المقهى، والحقيقة أن هذا الجهد المشكور والمسجل للأجهزة الأمنية يجعل اللبنانيين يستردون الثقة بالدولة. إلا أن الحقيقة الأخرى هي أن كل ما قيل وسبق عن هذا الانجاز لم يقدّم رواية مكتملة ومتماسكة ومقنعة، وهذا ليس من قبيل التشكيك، ولكن الحقيقة التي يسأل عنها كل مواطن. ثم هناك السؤال الآخر الذي طالما يطرق ذاكرة المواطنين، ماذا عن الذين فجروا بنك بلوم قبل عدة أشهر في رمضان الماضي؟ ولماذا لم نعد نسمع عنهم أي شيء؟


المكتب الإعلامي المركزي