إجراءات استعادة الثقة

الإثنين 9 كانون الثاني 2017

Depositphotos_3381924_original


يبدأ رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم زيارة الى المملكة العربية السعودية، ومن ثم الى قطر، وهي الزيارة الاولى للرئيس بعد انتخابه وتشكيل الحكومة، ومن المتوقع أن تشكل فاتحة خير، خاصة لجهة عودة لبنان الى الحضن العربي، وعودة العلاقات الطبيعية مع هذا المحيط بعد الانتكاسة التي حصلت خلال الحكومة الماضية. وقد جرى الترحيب مسبقاً بهذه الزيارة، إلا أن التحدي الأساسي أمام الحكومة وأمام العهد، هو في إثبات نأي لبنان بنفسه عن أحداث وتطورات المنطقة، لا سيما في سورية، ذلك أن سبب انتكاس العلاقة اللبنانية مع الأشقاء العرب يعود الى الموقف الذي صدر عن الحكومة السابقة، وجعل لبنان في بعض المحطات يتموضع خارج النأي بالنفس، ويصطف الى جانب فريق دون آخر، هو الفريق الذي يقتل شعبه والمسؤول عن المأساة المستمرة للشعب السوري.
على هذا الأساس، فالمطلوب حتى تستقيم العلاقة مع الأشقاء العرب ، و المطلوب من الحكومة اللبنانية، ومن العهد.. عدم الركون الى الضغوط التي يمارسها البعض لحرف لبنان عن مساره الطبيعي، ويعمل للزج به في أتون صراعات المنطقة التي لا يقوى عليها. كما أن المطلوب ليس هذا فقط، بل العمل الجاد لإقناع المتورّطن بالحرب السورية بالعودة الى لبنان، والإقلاع عن هذه المشاركة التي تسببت بمقتل آلاف السوريين، فضلاً عن تهجيرهم والمأساة المستمرة التي يعانون منها. وعلى هذه الأطراف المتورطة أن تقتنع بهذا القدر والحجم من التورط قبل أن تستفحل الأمور وترتد الى الداخل اللبناني، خاصة أن التجربة أثبتت أن الحل في سورية لن يكون عسكرياً، وعليه فلا داعي لدفع كل الأكلاف التي تجعل لبنان بكل مكوّناته يتحملها.
على المستوى الاقليمي يبرز الخرق لوقف اطلاق النار من قبل النظام السوري وداعميه، وهو ما يعبّر بشكل واضح عن امتعاض النظام وداعميه من الاتفاق الذي تم توقيعه بين روسيا وتركيا ويضع حداً لوقف النار، ويضع الحل السياسي على السكة في مؤتمر "أستانة" المتوقع انعقاده أواخر هذا الشهر.
يبدو من خلال هذه الاتفاقية أن بوادر التسوية لحل الأزمة السورية بدأت تلوح في الأفق، إلا أن ذلك لا يعني نجاحها، فالأطراف المتضررة منها ليست قليلة، والذين يعملون على تقويضها ليسوا قلة أيضاً، ولكن الظروف الميدانية لجميع المعنيين قد تساعد على قبولها وإنجازها، ولعل ما يجري من محاولات خرق للهدنة ووقف النار مؤخراً يصب في خانة تحسين الشروط أكثر مما يحاول تخريب التسوية.
المهم في كل ذلك أن يتم وضع حد لنزيف الدم السوري، وتحقيق تطلعات هذا الشعب بنيل الحرية والكرامة، واستعادة السيادة على أرضه وقراره بعدما فقدهما جراء التدخلات الخارجية الفاضحة.
أما في لبنان، فيجب انتهاز فرصة التسوية السورية من أجل تعزيز الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلد، ولعل ذلك يكون بالخروج من منطق الغالب والمغلوب، والاقتصاد والتهميش، والتركيز على إنجاز قانون انتخاب يؤمّن صحة وعدالة التمثيل لكل المكونات اللبنانية.


المكتب الإعلامي المركزي