أحد الغضب في الشارع اللبناني

الإثنين 30 أيلول 2019

Depositphotos_3381924_original

هل بلغ "السيل الزبى"، فخرج الناس الى الطرقات للتعبير عن حالة المعاناة التي يعيشونها والقلق الذي ينتابهم جراء هذا الهراء الذي يجري، وعدم المبالاة من المسؤولين حيال الأزمة الاقتصادية؟!
الواقع أن البلد عاش الاسبوع الماضي حالة الفلتان والفوضى الاقتصادية إذا صح التعبير عندما خرج السوق المالي وعلى وجه الخصوص سعر صرف الليرة اللبنانية امام العملات الأجنبية، لا سيما الدولار عن طور السيطرة والتحكم. فقد انفلت السوق المالي وباتت السوق السوداء هي المتحكمة بسعر الصرف، فشعر المواطن بانهيار تدريجي لليرة اللبنانية، خاصة عندما امتنعت المصارف عن إجراء عمليات صرف على السعر الرسمي الذي حدده مصرف لبنان، في حين تفاوت سعر صرف الليرة بين صرّاف وآخر , حتى أن بعضهم صرف الدولار الامريكي الواحد بحوالي 1700 ليرة لبنانية ما أوجد حالة من الخوف والقلق والانكماش. وترافق ذلك مع اضراب من محطات الوقود، وتحذيرات من قطاعات أخرى تشتري بضاعتها بالدولار الأمريكي من الخارج.
كل هذا الواقع، وما سبقه من فشل حكومي وسياسي , اوصل الناس الى حالة من اليأس والاحباط والقلق على المستقبل، وفي ظل غياب الحلول وتلهّي المسؤولين بالقضايا والخلافات الجانبية والشخصية وتقاسم الحصص والمصالح، تحرك الناس يوم الأحد بشكل شبه عفوي ودون خلفيات سياسية، أو دون محرك سياسي لرفض هذا الواقع، وللمطالبة برحيل رموز السلطة التي أوصلت الأمور الى ما وصلت اليه، وقد جرى قطع الطرقات في أكثر من منطقة كحالة تعبير عن الغضب الذي يكتنف الناس.
إن حركة الاحتجاجات التي بدأت يوم الأحد كحالة تعبير عن رفض السلطة السياسية وسياساتها هي بمثابة جرس إنذار لهذه السلطة حتى تبادر الى القيام بعملية إصلاح حقيقي وجدي بعيداً عن منطق المصالح الضيقة  والخاصة، والتطلعات الفئوية والطائفية، فلبنان لم يعد يحتمل هذه "الحركات" والتطلعات الضيقة , الأمر بات بحاجة الى علاج جدي حقيقي يقوم به رجال دولة حقيقيون يضعون مصلحة البلد بكل فئاته نصب أعينهم لا مصلحة طائفة أو حزب أو منطقة أو شخصية، ولكن للأسف لا يبدو أن من بين القوى والشخصيات السياسية من يحمل صفات رجل الدولة الحقيقي، لذا نسمع دائماً نغمة المصالح الطائفية والحزبية الضيقة, وهذا سيجر الويلات على البلاد والعباد.
إن "أحد الغضب" قد يكون يوماً تجريبياً لمشهد أكبر، بل لثورة شعبية حقيقية تطيح النظام وكل رموزه، أو تدفع البلد الى الفوضى العارمة التي لا يستفيد منها اللبنانيون أبداً، ولذلك فإن إحدى طرق الحل أن تلجأ كل منطقة للضغط على مسؤوليها، وكل فئة للضغط على قياداتها من أجل الاصلاح الحقيقي، وعندها لن تكون هناك خيمة فوق رأس أحد على الاطلاق، ولن يتهم أحد أحداً بالتعدي على الصلاحيات والرموز الممثلة لطوائفها.
المكتب الإعلامي المركزي