القتل بالصمت!!
الإثنين 26 أيلول 2016
تواصل آلة القتل الروسية والتابعة للنظام السوري حملتها على مدينة حلب الشهباء، حاصدة المزيد من الأرواح البريئة من الأطفال الذين يموتون تحت الأنقاض، أو رعباً بأصوات الطائرات التي تنشر الرعب في قلوبهم، علّها تكسر عزيمة آبائهم الذين عاهدوا الله وشعبهم على المضي بالدفاع عن بيوتهم في هذه المدينة الصامدة.
مضى أسبوع كامل على الهجمة الشرسة التي تقودها روسيا والنظام السوري بالطائرات والمدفعية على حلب، في سياسة جديدة قديمة تعتمد الأرض المحروقة بمن فيها وعليها لتسجيل خرق أو انتصار، فيسقط يومياً عشرات الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء والمقاتلين والرجال والشيوخ، وتدمَّر المدينة حياً بعد حيّ، وبيتاً بعد بيت، وشارعاً بعد شارع. يُطمس تراثها وتاريخها المسجل في المنظمات الأممية الثقافية، فيما المجتمع الدولي بحضارته المنسية لا يحرك ساكناً سوى التعبير عن الأسى والحزن والقلق الذي لا يوقف صاروخاً ولا يرد طائرة، ولا يعيد روح طفل الى جسده الطري. يصمت العالم عن عجز أو عن خبث، أو عن تآمر ليس مهماً ، المهم أنه يصمت ويكتفي بالتنديد فقط، فيما آلاف الأرواح تزهق دون حسيب أو رقيب، ثم بعد ذلك يأتونك بالحديث عن الحضارة والتقدم وحقوق الانسان. بل حتى حقوق الحيوان.
والعالم الغربي ، وحتى العربي والاسلامي الذي يصمت على هذه المجازر المروّعة التي ترتكب بحق الشعب السوري، وبحق أهالي حلب على وجه التحديد هو شريك بالقتل والاجرام. وإذا كانت روسيا والنظام السوري يقتلون بالقنابل الفراغية والمدفعية الثقيلة، فإن العالم الذي يكتفي بالتنديد، ولا يحرك ساكناً هو قادر على تحريكه، هو شريك بالقتل من خلال صمته وعدم التحرك لردع هذه الوحشية التي لا تقيم وزناً أو اعتباراً لأي شيء.
يتحدث العالم الغربي، ومعه العربي والشرقي عن محاربة الإرهاب، ويذهبون الى النتائج، وينسون أن صمتهم على الاستبداد والظلم، وعلى الجرائم والإبادات الجماعية هو أحد أبرز الاسباب التي تدعو الانسان الى الجنوح نحو كل ما من شأنه أن يخرجه عن انسانيته، لينتقم من كل شيء يحيط به في لحظة رأى فيها العالم يتخلى عن إنقاذه، بل ربما كان شريكاً في قتله من خلال الصمت تارة وعدم تمكينه من امتلاك القدرة للدفاع عن نفسه . إن هذه المجازر تذكّرنا أن لحظة الحقيقة واليقين يجب بأن يبقى، فإذا تخلى العباد جاءت عناية رب العباد.
أما في لبنان فإن البلد على موعد مع جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية يوم 28/9/2016، ولا يبدو الى الآن أن شيئاً سيتغير، إلا أن بعض الانطباعات بما يتيح انتخاب الرئيس في جلسة أخرى، وبغض النظر عن التهديد الذي يمارسه البعض.
وذلك إن حصل فقد يشكل انعطافة جديدة في لبنان، إذا كانت منقطعة عن كل حسابات المنطقة فإنها تعني مزيداً من الخسائر لأصحابها، وإذا ترافقت مع ضمانات جدّية من كل الأطراف بإخراج البلد من النفق المظلم لصالح انتاج دولة حقيقية تُحترم فيها المؤسسات والانسان، فإن الخطوة عندها قد تشكل مدخلاً للخروج من الأزمات المركبة والمعقدة.
المكتب الإعلامي المركزي