الإصلاح يبدأ من قانون الانتخاب

الإثنين 26 كانون الأول 2016

Depositphotos_3381924_original

 مفاجئاً كان تشكيل الحكومة قبل بضعة أيام، إذ أعلنت من قصر بعبدا، بعدما كان الاعتقاد السائد أن المساعي الحكومية ستمتد الى ما بعد رأس السنة، ولكن يبدو أن كلمة سر جاءت من مكان ما، قلبت كل التوقعات وأفرجت عن الحكومة بهذه السرعة.
أما البيان الوزاري الذي كان في حكومات سابقة يأخذ وقتاً طويلاً من المد والجزر من أجل الاتفاق على حفظ عبارة من عباراته، أو من أجل تمرير موقف يغطي حالة قائمة كما في موضوع المقاومة مثلاً، فإنه هذه المرة وبخلاف الكثير من المرات تم الانتهاء منه بجلسة واحدة أو جلستين فقط، وتم إقراره في الحكومة وإرساله الى أمانة سر المجلس النيابي، التي تولت توزيعه على النواب لمناقشه أيام الثلاثاء والاربعاء والخميس.
والمؤكد أن الحكومة ستنال ثقة كبيرة من النواب على بيانها الوزاري، حتى ولو تحفظ عليه وزراء القوات اللبنانية (3 وزراء) والوزير ميشال فرعون (قوة السلاح والمقاومة). والمؤكد أن الحكومة ستنال ثقة المجلس، وإن كان بعض النواب أو بعض الكتل النيابية قد يلجأ الى الامتناع عن التصويت أو حجب الثقة.
اعتباراً من الخميس المقبل ستكون الحكومة قادرة على ممارسة دورها بشكل كامل وستكون مسؤولة أمام المجلس النيابي، أمام اللبنانيين في القضايا الحياتية والمعيشية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية وكل شيء. إلا أن التحدي الأول والأبرز والأساسي الذي يواجه الحكومة ومعها المجلس النيابي والعهد الجديد هو إنجاز قانون انتخاب عصري يلبي تطلعات اللبنانيين، ويحقق التمثيل الصحيح، ويرسي الاستقرار في النظام السياسي، بعيداً عن المحسوبيات والمحاصصات والمصالح الخاصة والضيقة، وهو بالتأكيد تحدّ ليس سهلاً أو بسيطاً، ومنه يمكن العهد الجديد أن يبدأ استعادة ثقة المواطنين بالدولة وسيادتها على قرارها ومؤسساتها وحدودها.
أما اذا فشلت الحكومة مع المجلس النيابي في إقرار قانون انتخابي جديد وففق المعايير السابقة، فإن ذلك سيشكل مسماراً جديداً في نعش المؤسسات، وبالتالي مزيداً من عدم الثقة بالدولة، وهروباً من المسؤولية على كافة المستويات. مسألة أخرى تتعلق بانطلاق العهد الجديد وحكومته الجديدة لا تقل أهمية عن مسألة القانون الانتخابي والقضايا المعيشية والحياتية وغيرها، وهي تتصل في استمرار البعض بالتدخل السافر والفاضح في قضايا المنطقة كما في القتال في سوريا دون مراعاة لأي اعتبار. إن انطلاق العهد الجديد، والحديث عن تسوية سياسية في سورية تشكل فرصة جديدة ومهمة للاطراف المنخرطة والمتورطة بالقتل والقتال في سورية من أجل العودة الى حضن الوطن. من أجل إنهاء هذه الحالة الشاذة ، ومن أجل الانكفاء عن لعبة الانتصارات والهزائم، فالحقيقة المرة التي اكتشفها البعض متأخراً، أو ربما لم يكتشفها بعد، هي أن الجميع في سورية مهزوم، والمستفيد الوحيد بعد كل الذي جرى هو المشروع الغربي وفي مقدمته الكيان الصهيوني. إذ ماذا جنى الذين توهموا الانتصار سوى كسب عداوة وخصومة الملايين على امتداد ساحة هذه الأمة. أما الذين يظنون أنهم سيطروا وامتدوا وهيمنوا فسرعان ما سيكتشفون هذا الوهم، ومعه الحجم والكم الهائل من الخسائر التي سيعانون منها الى سنوات بل ربما الى عقود.

المكتب الإعلامي المركزي