الفساد الاستنسابي

الإثنين 4 آذار 2019

Depositphotos_3381924_original

الحدث الذي طغى على ما عداه الأسبوع الماضي كان فتح ملف مكافحة الفساد من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده النائب حسن فضل الله، ولاحقاً من خلال ما سمّي التقرير المالي الذي تقدّم به الى المدعي العام المالي.
الجميع في لبنان على المستوى الشعبي مع مكافحة الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة , السياسية والادارية وحتى القضائية والأمنية وسواها، لأن اللبنانيين على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم يدفعون أثماناً باهظة لهذا الفساد، ويطالبون دائماً بوضع حد له حتى يتمكنوا من تنفّس الصعداء.
خطوة النائب حسن فضلالله ظهرت كأنها محاولة لمحاسبة مرحلة سابقة من عمر البلد والجمهورية، بغض النظر ما إذا كان النائب يقصد ذلك أو لا يقصده، ولذلك تم وضعها في خانة الاستهداف السياسي لأبرز شخصية وقفت في مواجهة حزب الله في مرحلة سابقة، وهي الرئيس فؤاد السنيورة الذي اعتبر نفسه مستهدفاً، وبالتالي عقد مؤتمراً صحفياً يوم الجمعة الماضي فنّد فيه مبلغ 11 مليار دولار التي يجري الحديث عن هدرها أو إضافتها الى الدين العام الذي يتحمله لبنان. وقد شرح السنيورة بالتفصيل والأرقام كل ما يتصل بهذا المبلغ، ورفض ضمناً المثول امام القضاء انطلاقاً من شعوره أن أطرافاً في البلد تسعى لمعاقبته على مواقفه السابقة وجعله كبش فداء لكل الفساد المستشري في البلد.
بالطبع كل خطوة تفتح ملف مكافحة الفساد مرحب بها، بل هي مطلب للجميع على أمل أن تستقيم الأمور في هذا البلد، إلا أن الاستنسابية في طرح المواضيع أو مقاربة الملفات تحوّل أية خطوة في هذا الاطار من خطوة في معركة مكافحة الفساد الى خطوة في معركة تصفية الحسابات والانتقام، وبالتالي من إطار المعركة الشريفة النظيفة الى إطار المعركة السياسية التي تعطي الحق لأي منافس لرد الاتهام، بل وفتح المعارك الأخرى بغض النظر عن عنوانها حتى لا يتحوّل أي مستهدَف الى كبش فداء لفساد تلك الطبقة المتحكمة بمفاصل البلد كلها.
لذلك لا يمكن القبول بأن تكون معركة مكافحة الفساد استنسابية وباتجاه واحد، لأن الجميع في لبنان يدرك ويعلم , وكما ذكر بعض النواب في جلسة مناقشة الثقة، أن كل الطبقة السياسية بمن فيهم الذين يحاضرون بالعفة، متورطون بالفساد الى شحمة آذانهم، كما لا بدّ من التذكير أن الفساد ليس نوعاً واحداً فحسب، بل هناك الكثير من انواعه المعروفة عند كل اللبنانيين، وعليه فإن الجدية في فتح معركة مكافحة الفساد أن تفتح بكل الاتجاهات، وعلى كل أنواع الفساد حتى لا يبقى فاسد واحد، وحتى تكون معركة متوازية محصّنة في مواجهة أي انتقاد بعيدة عن الكيد السياسي وحتى الطائفي والمذهبي، وهي معركة لن تترك صاحباً واحداً لمن سيخوضها، ولكنها ستجعل من يخوضها ينال ثقة اللبنانيين جميعاً , وهذا يكفيه .
المكتب الإعلامي المركزي