وتشكلت الحكومة .. فماذا بعد؟
الإثنين 4 شباط 2019
وأخيراً حسم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة المسألة كما وعد مؤخراً، وأعلن تشكيلته الحكومية. وبغض النظر عن شكلها ولونها وحجمها وطريقة تشكيلها والآليات التي اعتمدت، والتنازلات التي حصلت، والضغوط التي مورست والمواد الدستورية التي تم خرقها. المهم ان البلد اليوم بات لديه حكومة من ثلاثين وزيراً، بعضهم مع احترامنا لهم ربما لا يعرفون الى أي كتلة أو تكتل سينتمي لاحقاً، ربما يكون ذلك من حسن حظهم، إذ أن بإمكانهم أن يجعلوا انتماءهم الى كل لبنان، ليس كما صرّح أحدهم بالقول إنه أتى كي يخدم أبناء البيئة التي ينتمي اليها وتحيط به.
لبنان اليوم وعهده القوي بات لديه حكومة قامت على منطق المحاصصة السياسية والطائفية والمذهبية وتجاوز الدستور في أغلب الأحيان , والمطلوب منا نحن اللبنانيين أن نصفق ونسعد لإعلان هذه الحكومة لأن الانهيار الاقتصادي كاد أن يقارب البلد، وكأن هذه الطبقة المتحكمة بكل شيء ليست مسؤولة عن هذا الوضع الاقتصادي والحياتي المعيشي الضاغط، وكأنها غير مسؤولة عن عدد كبير من الشركات أقفلت أو في طريقها الى الاقفال، ومئات بل الالاف من العمّال باتوا الآن بلا عمل! وكأن المطلوب منا أن نفرح لهذا قدمته العظيم الذي أنجزته كل قوة سياسية من تلك القوى لنفسها، وأوهمت ساحتها أنها قد حققته لها، ولكن في الحقيقة هي حققته على حسابها، فيما المطلوب من هذه الحكومة بعد اليوم هو العمل من اجل ايجاد الحلول للأزمات ووضع حدّ للفساد والفوضى والتسيب الاداري والوظيفي وغيره، وعندها فإن اللبنانيين سيصفقون ويسعدون ويفرحون لكل إنجاز من تلك الانجازات المطلوبة.
وحتى لا نشعر باليأس ونُشعر غيرنا به، لن نقول إن الرسالة تُقرأ من عنوانها، ونحكم على هذه الحكومة التي وُلدت قسرياً بتلك الطريقة وفق تلك القواعد المقيتة، فإننا سننتظر حتى نسمع ونرى بيانها الوزاري الذي ينبغي أن لا يعتمد الصيغ القديمة التي كانت تفرّق في الممارسة بين مواطن وآخر, تجعل من أحدهم شريفاً ومن الآخر خائناً.
نترك لأحدهم مجالاً واسعاً لارتكاب الموبقات ذنبه مغفور أما غيره فتتم محاسبته على الشبهة فحسب . لا ينبغي أن تكون مناطق محظية بالانماء والخدمات، وأخرى محرومة من أبسط الامور، وهكذا.
سننتظر الحكومة ماذا ستنجز حتى نحكم لها أو عليها، دون أن تذكّر الشعب أنه شريك بالمسؤولية عن كل الوضع القائم، فكما ان الحكومة مطالبة بالانجاز فإن الشعب مطالب بالمساءلة والمحاسبة خارج إطار التموضع الحزبي والطائفي والمناطقي، وإلا فلن تستقيم الأمور ولن نخرج من هذا النفق المظلم.
المكتب الإعلامي المركزي