خطبة النائب الدكتور عماد الحوت في مسجد الحسن في عرمون بعنوان "الى من أنتمي":

الإثنين 19 شباط 2018

Depositphotos_3381924_original


 أمام التجاذبات التي نتعرّض لها محلياً بين زعيم وآخر وخارجياً بين شرق وغرب، لا بد للواحد منا أن يسأل نفسه: "من أنا والى من أنتمي؟"، وأن يبحث عن الجواب انطلاقا من كتاب الله الذي وضع القواعد الواضحة، وسنتوقف في هذا الإطار عند صورة العصر: (والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).

والخسارة الواردة في هذه الآيات تنطلق من كون الإنسان مجرد أيام كلما انقضى منها يوم نقص عمره، فهو مخيّر بين أن ينفق عمره استهلاكاً وهو مستغرق في أمور الدنيا، أو ينفقه استثماراً وهو يجمع بين خير الدنيا وخير الآخرة.

أما الإنتماء، فهو بين الانتماء لصفوف الخاسرين وإما الإنتماء لله عز وجل من خلال الالتزام بالقواعد الأربعة الواردة في السورة:

١- الايمان المكوّن من شقين: العقيدة او الايمان بأن الله هو الخالق والمدبّر لكل شيء، وأنه هو المعطي والمانع، وعندها لا يعود للمؤمن حاجة لزعيم أو مسؤول، فهو قد أحسن العلاقة مع الله ومن كان الله معه فمن ضده؟
والشق الثاني قواعد الشريعة التي تنظم علاقة الإنسان بغيره وبمجتمعه ومعاملاته، وتنسق علاقته بالحاكم والمسؤول وحقوقه عليهم.
هذا الايمان ينعكس استشعار لمعيّة الله ومراقبة ذاتية للنفس.

٢- العمل الصالح، وهنا كل عمل ممكن أن ينقلب الى عمل صالح إذا وضح مفهوم الانتماء، فيصبح الطعام عملاً صالحاً اذا أضفنا الى لذته نيّة التقوي على إداء دوره في بناء المجتمع، ويصبح جني الثروات عملاً صالحاً إذا أنفق في حلال وإذا تم تسخيره فيما يرضي الله ويدعم المجتمع كما فعل عثمان بن عفان في عام المجاعة.

٣- البحث عن الحق والتمسّك به والتواصي حوله، إذ لا يعرف الحق بالرجال وإنما على الانسان البحث عن الحق والوقوف عنده وقياس أقوال وأفعال الرجال عليه.

٤- التواصي بالصبر لأن طريق الحق شاق وقد تعترضه بعض الأشواك فلا بدد للإنسان أن يصبر ويتحمل مشقة الطريق للحق والاستهدافات التي قد تتخلله في سبيل الوصول الى استقرار الحياة في ظل هذا الحق بدلاً من الاستسلام للباطل والعيش تحت وطأته.

ختاماً من انتمى الى الله لا ينبغي أن ينتمي الى غيره ولا بد من ان يكون أي انتماء هو فرع من الانتماء الأصلي لله،
كما إن من انتمى الى الله لا ينبغي، ونحن بين يدي انتخابات ستحدد الأحجام، أن يخدع بوعود وشعارات، بل ينبغي أن يقيس هذه الوعود وتلك الشعارات بمعيار الحق ثم يحدد الموقف منها، فلا يتبع الرجال وإنما يبحث عن الحق ويقيس الرجال بأقوالهم وأفعالهم عليه