حوار النائب عماد الحوت مع "المسيرة"

السبت 9 كانون الأول 2017

Depositphotos_3381924_original

أكد نائب الجماعة الإسلامية الدكتور عماد الحوت، أنه على رئيس الجمهورية أن يطلق حواراً حول الإستراتيجية الدفاعية للدولة للوصول إلى تفاهم حول موضوع السلاح، وينبغي أن يكون هذا الأمر من أولى واجبات واهتمامات الرئيس، معتبراً أن سلاح “حزب الله” سيكون مصدر عدم استقرار للبنان إذا بقي توظيفه لخدمة محور إقليمي غير لبناني، أو لحسم الخلافات الداخلية كما حصل في 7 أيار و”القمصان السود”. وشدّد على أن لبنان لا يستطيع أن يخرج عن الإجماع العربي، واستغرب الحديث عن خيانة تعرّض لها الرئيس سعد الحريري من مقرّبين، مشيراً إلى أن الدول لا تتّخذ قراراتها بناءً على وشايات أو أخبار. “النجوى ـ المسيرة” التقت النائب الحوت، وكان الحوار الآتي:

كتب فادي عيد في “المسيرة” – العدد 1640

كيف قرأت حديث الرئيس سعد الحريري لمجلة “باري ماتش”، والذي قال فيه إن سلاح “حزب الله” لا يستعمل في الداخل اللبناني؟

أعتقد بأن الإلتباس الذي حصل في الترجمة ما بين صيغة الماضي والحاضر أثار لغطاً كبيراً وردود فعل واسعة، وأعتقد أن الرئيس الحريري لا يغيب عن باله أن هذا السلاح قد تم استخدامه سابقاً في أكثر من مناسبة، وهو كان أحد المستهدفين من هذا الإستخدام. المهم أن حجم ردود الفعل يشير إلى حجم عدم الثقة لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين بسبب وجود سلاح مع أحد المكوّنات اللبنانية خارج إطار قرار الدولة الضامنة لجميع المواطنين.

هل تعتقد أن الرئيس الحريري يمكن أن يبتعد عن المملكة العربية السعودية؟

لا أعتقد أن الرئيس الحريري يمكن أن يخرج من البعد العربي للبنان الذي هو جزء منه، المهم أن ندرك جميعاً أنه لا مصلحة للبنان في أن يكون جزءاً من لعبة المحاور وتصفية الحسابات فيما بينها، خصوصًا وأن حراك 14 آذار كان، على المستوى الشعبي على الأقل، حراكاً سيادياً، وبالتالي لا أعتقد أن هناك مصلحة بربطه ببعد خارجي ولو كان شقيقاً.

هل ترى أننا أمام حالة اختلاف في المواقف داخل “التيار الأزرق”؟

هذا سؤال يُترك لتيار «المستقبل» أن يجيب عليه، ولكن على مستوى الرأي العام، فلا شك أن هناك متابعة دقيقة لمجريات التسوية القادمة ليحكم الجمهور عليها ما إذا كانت تشكل تطوّراً جدياً عما كان ممارساً قبل الإستقالة من هيمنة على قرار الدولة، وتوتير لعلاقة لبنان مع محيطه العربي، أم أنها مقدمة للعودة إلى تلك الأجواء نفسها، وأعتقد أن الرئيس الحريري قد استخرج الخلاصات من الأداء السيئ للحكومة خلال العام الماضي.

بدا واضحاً عدم رغبة “القوات اللبنانية” بأن تكون جزءاً من الحملة التي شُنّت ضد الحريري، لماذا برأيك هذه الهجمة المبرمجة على “القوات”؟

لا شك أنه في كل حدث هناك مستفيدون ومتضررون، وهكذا، فإن في حدث الإستقالة هناك من يريد حرف الأنظار عن الأسباب التي تضمّنتها هذه الإستقالة، بغض النظر عن ملابساتها، والتركيز فقط على هذه الملابسات وإعادة فرز الناس ما بين صديق وخائن بدل فرزهم بين من هم مع مشروع تقوية الدولة ومن مع استمرارها ضعيفة، ومن الواضح أن “القوات اللبنانية” هي من الفريق الداعم للدولة وقوتها، ولذلك تم استهدافها في محاولة لفكفكة هذا الفريق.

هل ترى أن ما يجري الحديث عنه في موضوع النأي بالنفس كافٍ، أم أننا لا زلنا في الإطار الكلامي لا أكثر، ولا شيء فعلياً؟

أعتقد أننا بحاجة إلى خطوات أبعد من مجرد بيان لإيجاد الثقة لدى المواطنين بأن هناك نأيًا حقيقيًا بالنفس، لا يكفي أن تنأى الحكومة بنفسها ثم يقوم كل مكوّن من المكوّنات اللبنانية بما يريد من خروق لهذا المفهوم. من هنا، المطالبة بأن يعلن رئيس الجمهورية عن بدء الحوار حول الإستراتيجية الدفاعية للدولة، وهو حوار سيحتاج إلى وقت، ولكن لا بد من أن يبدأ حتى نستطيع أن نصل إلى تفاهم حول موضوع السلاح، ولكن لا بد من أن نبدأ.

هل ترى أنه بإمكان الحكومة الطلب من “حزب الله” الإنسحاب من بعض الدول العربية؟

ليس المطلوب أن ينسحب المقاتلون من بعض الدول العربية، وإنما من جميع الساحات العربية، إذ إنه من غير المقبول أن يربط أي مكوّن من المكوّنات اللبنانية كل البلد بالمتغيّرات المتعلقة بطموحات وحروب المحاور الإقليمية والدولية.

النائب محمد رعد تحدّث بعد لقائه رئيس الجمهورية عن تفعيل عمل الحكومة، ولم يشر إلى النأي بالنفس؟

على كل حال، هناك سابقة للنائب الزميل بالموافقة على “إعلان بعبدا” ثم بعد ذلك القول بـ”بلّه وشرب مائه”.

ما المقصود بالمطالبة بتطبيق اتفاق الطائف والإلتزام به، من ضمن 3 بنود تقول بالنأي بالنفس ووقف الحملات على الدول العربية وتطبيق اتفاق الطائف؟

جميعنا يدرك أن هناك من يتمنى لو استطاع أن يلغي مفعول اتفاق الطائف الذي جاء لينهي حرباً أهلية كلّفت لبنان غالياً، وهذا الإتفاق جاء ليرسي توازناً دقيقاً بين السلطات يعكس التوازن بين المكوّنات اللبنانية، خصوصاً وأن هناك من جاء ليلمّح إلى مثالثة بدل المناصفة، ومن يريد عودة لبنان إلى نظام شبه رئاسي، والواقع اللبناني لا يتيح هكذا طموحات قد تطيح بالتركيبة اللبنانية، وبالتالي بالإستقرار. من هنا أهمية التمسّك باتفاق الطائف واستكمال تطبيقه للحفاظ على هذا الإستقرار.

هل أنتم مع ربط النزاع في موضوع سلاح “حزب الله”؟

موضوع سلاح «حزب الله» لا يمكن حسمه إلا من خلال حوار جدّي وعميق، فهو يمكن أن يكون مصدر قوة للبنان في توازن الرعب مع العدو الاسرائيلي إذا كان قد تحوّل إلى جزء من الإستراتيجية الدفاعية للدولة التي لها حصرية قرار السلم والحرب بالنيابة عن المواطنين، كما يمكن أن يكون مصدر عدم استقرار للبنان إذا بقي توظيفه لخدمة محور إقليمي غير لبناني، أو لحسم الخلافات السياسية كما حصل في حادثتي «7 أيار» و «القمصان السود». من هنا أهمية إطلاق الحوار من أجل الوصول الى الإستراتيجية الدفاعية، وهذا ينبغي أن يكون أولى واجبات واهتمامات رئيس الجمهورية.

برأيك، هل أحدثت استقالة الحريري صدمة إيجابية؟

نعم، لحظة الإستقالة شكّلت صدمة إيجابية، ولكن في رأيي أنه تم استيعاب هذه الصدمة من خلال استمرار التركيز على شخص الرئيس الحريري بعد عودته إلى لبنان بدل التركيز على أسباب الإستقالة، وجيد أن يضع الرئيس الحريري شروطاً ثلاثة لانتهاء الأزمة، والأفضل أن يحصل على ضمانات حسّية وليس فقط كلامية على هذه الشروط.

الوزير طلال إرسلان يقول: “ليس نحن من يجب أن لا نتدخّل في شؤونهم، بل هم عليهم ألا يتدخّلوا في شؤوننا” قاصداً الدول العربية، ماذا تقول؟

أنا قلت أن على الجميع أن ينأى بلبنان عن صراعات المحاور، وواجب الطبقة السياسية، والوزير إرسلان جزء منها، أن تمارس هذه الإستقلالية في القرار من دون استنسابية. يبقى أن لبنان لا يستطيع أن يخرج عن الإجماع العربي أينما وقع، ولا يتحمل أن يكون جزءاً من الخلافات أو المحاور.

 

 

كيف توصّف العلاقة اليوم بين الرئيس الحريري والمملكة العربية السعودية في ظل الكلام الكثير والإشاعات، لا سيما في ظل الحديث أنه لن يزور المملكة في المستقبل المنظور؟

لا شك أن هناك ملابسات تمرّ بها هذه العلاقة، ولكنني أعتقد أنها ملابسات موقّتة سرعان ما ستزول، فالمملكة العربية السعودية كانت دوماً الشقيق الكبير للبنان واللبنانيين، والرئيس الحريري من موقعه كرئيس للحكومة ومن موقعه الشعبي لا يستطيع إلا أن يحرص على أفضل العلاقات مع المحيط العربي، والمملكة العربية السعودية أساس فيه.

ماذا عن الإعتراض العربي على مشاركة “حزب الله” في الحكومة؟

“حزب الله” في النهاية مكوّن سياسي لبناني، نحن مختلفون معه جذرياً في حروبه الخارجية وفي مسألة استخدامه السلاح في الداخل اللبناني، ولكنه يبقى حزباً سياسياً يمثّل شريحة كبيرة من اللبنانيين من حقها أن تنافس في الإنتخابات النيابية وأن تتمثّل في الحكومة اللبنانية. المطلوب من الدول العربية أن تتفهّم التركيبة اللبنانية من ناحية، والمطلوب من «حزب الله» أن يلتزم بتعهداته في البيان الحكومي من ناحية أخرى.

هل تعتقد أن “حزب الله” سيساعد الرئيس الحريري وأنه اقتنع بضرورة وقف التدخّل في الخارج، أم أنه لا يزال يناور؟

أنا اعتقد أن الجميع اليوم مأزوم ولا يوجد منتصرون ومنهزمون على المستوى الإقليمي، فهناك تقلّبات يومية في المنطقة، وحتى الأمس القريب كانت إيران اللاعب الأقوى في سوريا، ولما عجزت عن حماية نظام الأسد استنجدت بروسيا، واليوم أصبحت روسيا اللاعب الأقوى وليس إيران، كما إن «حزب الله» يتعرّض لضغوط دولية تجعل من مصلحته التمتّع بالحصانة الرسمية اللبنانية، وبالتالي هو ملزم بتقديم التنازلات وينبغي أن نعطيه الفرصة ليثبت مصداقيته في هذا الإطار.

هل توافق من يقول إن الرئيس الحريري قدّم استقالته تحت الضغط؟

بمعزل عن ملابسات الإستقالة، المهم التركيز على الأسباب وعلى معالجتها حتى لا نعرّض البلد لخضّة جديدة.

وهل عاد أقوى مما كان قبل هذه الإستقالة؟

لا شك أن واقع المظلومية أعاد للرئيس الحريري الإلتفاف الشعبي حوله، وأعتقد أنه من الطبيعي أن يستمع لنبض الناس وأن يستجيب لآمالهم ومطالبهم المتعلّقة بسيادة الدولة على أرضها، وبأداء الإدارات بعيداً عن المحاصصة والمحسوبية.

جرى الحديث عن خيانات تعرض لها الرئيس الحريري، وأن هناك من حرّض عليه من المقرّبين منه، هل ترى أن هكذا كلام هو صحيح؟

لا أعتقد أن الدول تتّخذ قراراتها بناءً على وشايات أو أخبار، أما في ما يتعلّق بالبيت الداخلي لـ«تيار المستقبل، فأعتقد أنه من المناسب احترام خصوصيته.

يحكى عن تحالف خماسي أو رباعي لا سيما في الإنتخابات النيابية المقبلة، هل ترى ذلك ممكناً؟

كل الإحتمالات واردة، ولكنني أعتقد أن هكذا تحالفات لم يعد لها التأثير ذاته الذي كان لها في العام 2005 نظراً لاختلاف طبيعة قانون الإنتخابات والصوت التفضيلي الذي سيجعل مكوّنات كل لائحة في حال تنافس فيما بينها.

هل ستحصل الإنتخابات النيابية في موعدها؟

لا أرى فرصة لتأجيل الإنتخابات إلا في حالة أمنية قصوى لا سمح الله، لأن المواطنين ما عادوا يقبلون أن يُحرَموا من حق اختيار من يمثّلهم في المجلس النيابي.

هل تعتقد أننا على أبواب حلول لأزمات المنطقة، وهل أنت متفائل؟

لا أرى أننا وصلنا لنهاية النفق في صراعات المنطقة في ظل تسرّع الرئيس الأميركي في قراراته واختلاف وجهات النظر بينه وبين إدارته، وفي ظل استمرار الطموحات الإيرانية في توسيع نفوذها، وغياب المشروع العربي الذي يؤمّن التوازن مع هذه الطموحات مما يدفع الجميع للبحث عن توازن يؤمّن الإستقرار للجميع.

كيف ترى المشهد اليمني بعد اغتيال الرئيس علي عبدالله صالح؟

أعتقد أننا دخلنا في مرحلة دموية جديدة في اليمن، فالرئيس صالح ينتمي لقبيلة حاشد وهي أكبر قبيلة يمنية، وبالتالي ستسود حالة من الثأر المتبادل بينها وبين الحوثيين.