الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان، الأستاذ عزّام الأيوبي لـ "إذاعة الفجر"
الإثنين 4 شباط 2019
الجماعة الاسلامية مستعدة لتخطي أي إشكال لتأمين استقرار الساحة السنية في لبنان
الجماعة لم تطرح نفسها كبديل عن المستقبل لأنها تنظر بواقعية نحو المجتمع
تحتاج العلاقة مع حزب الله وغيره إلى إعادة تقييم من الجميع بالنظر إلى التغييرات في المنطقة
القوى الإسلامية شريكة وعليها أن تخرج من ضيق الحالة الاسلامية لسعة المجتمع
سنعيد النظر بدور وعمل المكتب السياسي وسنستحدث مكاتب أخرى لمساعدته
مشروع رؤية وطن لم يأخذ طريقه نحو التنفيذ ولكنه انطلق
قال الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان، فضيلة الأستاذ عزام الأيوبي في مقابلة حوارية مع إذاعة الفجر:
"لم تكن ولايتي الأولى في الجماعة الإسلامية سهلة والأصعب فيها كان هو الأخذ بأيدي أبناء الجماعة والمؤمنين بفكرها نحو الدور التجديدي بالخطاب ولاسيّما في ظل عمل الجماعة للمحافظة على وجودها السياسي. وأشار الأيوبي إلى أن الولاية الأولى له لم تنجز كامل أهدافها بل تمكنت من قطع شوط كبير منها بتحقيق منهج الجماعة بالساحة، بعكس ما يروج الكثيرون حول تعرض صف الجماعة للتشقق. وأضاف : لو كان متاحاً للجماعة أن تكون حاضرة في وجدان المجتمع لكانت إستطاعت أن تخترق بالإنتخابات النيابية الماضية، وهذا ما تكرر بعدة سنوات سابقة والمطلوب هو الخروج بالجماعة من ضيق التنظيم إلى سعة المجتمع."
وأشار الأيوبي إلى أن ما حصل بعد الانتخابات النيباية أن الجماعة أجرت عملية محاسبة عن بعض الأخطاء بسبب مخالفة واضحة وصريحة لأنظمة الجماعة الداخلية. وعن فوزه بالأمانة العامة مع وجود معارضة، قال الأيوبي: "في ديمقراطيات العالم الحقيقية لا يفوز أي إنسان بنسب كاسحة والسبب بذلك هو المرونة في التعاطي، ودوري هو محاولة التغيير وهو أمر له مؤيدون ومعارضون بطبيعة الحال.
وعن قضية عودة مؤسسات الجماعة لحضنها قال الأيوبي "ليس من باب مركزية القرار بل من باب عدم التفرد بالقرار بمؤسسات أطلقتها الجماعة بالمجتمع، لأن الجماعة ألزمت نفسها بعملية تغيير إلزامية عبر عدم تمركز السلطة بيد أحد".
الأيوبي كشف عن إجراء مراجعات وتقييم للمرحلة الماضية على مدى الشهور المنقضية، كما كشف عن إعادة النظر بطبيعة عمل ودور المكتب السياسي وإستحداث مكاتب أخرى للفصل بين إتخاذ القرار وتقييم القرارات لا سيما في ملف الانتخابات، بالإضافة إلى إعادة النظر بخطاب الجماعة على المستويات السياسية والدعوية بإطار عملية تغيير جذرية لن تبقى حبراً على ورق". وأشار إلى أن ما فعلناه في الانتخابات ليس عبارة عن ترجمة رؤية وطن لأن هذا المشروع لم يجد طريقه حتى الآن نحو التنفيذ، لكنه إنطلق من مبدأ أن الجماعة صاحبة قرارها ولا أحد يملي عليها شؤونها".
واوضح الأيوبي: "أن عدم تطبيق وثيقة رؤية وطن يعود لوجود تجاذب بين من يريد التغيير وبين من يخشاه، ما دفع الجماعة لأن تكون أكثر تريثاً ومتجهة نحو بذل جهد أكبر ووقت إضافي حتى لا تصاب بالتصدّع. وعن الإرتباط أو عدمه مع جماعة الإخوان المسلمين أشار الأيوبي إلى أن ارتباط الجماعة الإسلامية بالإخوان المسلمين ليس هو ما يجعلنا غير وطنيين وهناك تنظيمات مصنفة إخوانية ولكنها متمسكة بقطريتها إلى أبعد الحدود. الجماعة الإسلامية تعمل على حمل هموم وطنها ولكنها غير منفصلة عن هموم العالم."
وعن العلاقة مع القوى الإسلامية الأخرى في البلد أكد الأيوبي أن "الجماعة الإسلامية شريكة القوى الإسلامية الأخرى بالعمل وهي (القوى الإسلامية) مطالبة بالخروج من ضيق الحالة الإسلامية لسعة المجتمع، لأنها جزء من المجتمع بهدف إصلاحه بغض النظر عن مدى إلتزام أهل المجتمع بالإسلام كنهج ودين".
وشدد الأيوبي على أن "قضية الأحجام السياسية مرهونة بقبول المجتمع أو رفضه وهي قابلة للتغيير مع الوقت والأحداث، واعتبر أن تنظيم البيت السني الداخلي أولوية للخروج نحو مختلف أطياف المجتمع". وأضاف : "الطائفة السنية تفتقد المرجعية الجامعة وتفتقد سقف اللقاء بخلاف باقي الطوائف في لبنان، وهو ما يضعف الساحة السياسية السنية في لبنان". وأشار إلى أن "الحسابات الانتخابية الآنية كانت تحكم مسار التعاطي مع تيار المستقبل، لكن الجماعة مستعدة لتخطي أي إشكال لتأمين استقرار الساحة السنية في لبنان ومصلحتها والرئيس سعد الحريري هو رئيس الحكومة ونحن نتعاطى معه كموقع ممثل للساحة السنية في لبنان".
وإعتبر الأيوبي أن "الجماعة الاسلامية لم تطرح نفسها كبديل لتيار المستقبل لأنها تعرف قدراتها وتعمل على تعزيزها بهدف تحقيق مصلحة الناس العامة، وهذه نظرة الجماعة الواقعية نحو المجتمع.
وعن العلاقة مع حزب الله قال الأيوبي: "الجماعة الإسلامية تتفق مع حزب الله بتطلعات إسلامية واسعة على مستوى البلد والعالم ككل، وتتفق معه في العداء مع الكيان الإسرائيلي، فيما تختلف معه بموضوع المشاركة بالحرب في سوريا، ما أعاد تركيبة العلاقة بين الجماعة مع حزب الله، حتى وصلت لحد القطيعة الكاملة. والعلاقة مع القوى السياسية في لبنان، بينها حزب الله، تحتاج لإعادة تقييم في ظل التغييرات في المنطقة، ولاسيما بعد خلط الأوراق الإقليمية وتقاطع المصالح العالمية السياسية".
واضاف الأيوبي أن "السياسات العالمية لم تتغير، بل المؤشرات تثبت تصاعدها، لكن الجماعة الإسلامية لا تعوّل على ذلك لأنها قناعاتها هي التي تحركها بعيداً عن أية جهة إقليمية أو أجندات خارجية. والجماعة لن تنجر لصراع داخلي داخلي بل أولويتها هي إصلاح المجتمع ومواجهة المشروع الصهيوني. والجماعة ستدرس خياراتها وقراراتها وستعمل ما هو أنسب لمجتمعها وكيانها."
وعن الموضوع السوري اوضح الأيوبي أن "النظام السوري نظام قتل شعبه وحكم بطريقة غير ديمقراطية وهو لم ينتصر بعد هذه الحرب، لاسيما انه ورث دولة مدمرة وأوصلها إلى أرض مقسمة والحقيقة أن هناك صراعاً عالمياً وإقليمياً أكبر من سوريا في سوريا، والوضع بسوريا يتجه لإنضاج مشروع غير واضح الملامح بعد".. أما العلاقة مع دول الخليج، فلا توصيف إيجابي أو سلبي بين الجماعة الإسلامية والمملكة العربية السعودية، لكن الجماعة كانت حريصة على إعتبار أن المملكة هي مركز العالم الإسلامي. لكن الآن تشهد المملكة محاولات لإخراجها من ثوبها الإسلامي مع بعض ملاحظاتنا عليه بإتجاه العلمنة، والجماعة تدلي بتصريحاتها تجاه العالم العربي بما يتوافق مع قناعاتها."
وختم الأيوبي كلامه بالقول: "دور الحركة الإسلامية لم يتراجع بدليل عدم تراجع وتيرة محاربتها عبر الحلف المناهض لها. الحركة الإسلامية جزء من الشعب، ولكن حجم المعركة يطيل أمد وصول الشعب لهدفه. وهذه الحركة أكبر من إسم التنظيم بل جزء من فكر لا يمكن محاربته، وطريقنا مليئة بالمشاق وتحتاج لكلفة وتعب لكننا سنكملها كجزء من إيماننا بأهدافنا نحو المجتمع الذي يتوق إلى تغيير الواقع."