الحوت لـ "أخبار اليوم": فريق يريد "الثلث المعطّل" والآخر "النصف المقّرّر"

الجمعة 10 آب 2018

Depositphotos_3381924_original

لبنان مختبر "الشرق الأوسط" هــل يعـود ساحة رسائل صندوق بريد؟
 

انطون الفتى - وكالة اخبار اليوم

فيما تبدو "الرئاسة الثالثة" رهينة المشاورات واللقاءات وزيارات "ودّيني تودّيك"، يسير المجلس النيابي بعمل جلسات لجانه، بينما الرئاسة الأولى ثابتة في نشاطاتها ومواقفها وأدوارها اليومية. وفيما يُثبت كل يوم يمرّ أكثر فأكثر أن عُقَد التشكيلة الحكومية هي خارجية أكثر مما هي داخلية، تُطرح مخاوف جدّية من أن يكون الحديث عن ترحيل الملف الحكومي الى الخريف القادم (إن كان ذلك ممكناً أو صحيحاً) سببه الحقيقي ترقّب لعودة لبنان الى ما كان عليه قبل الحرب السورية، أي صندوق بريد بين سوريا من جهة، والسعودية من جهة أخرى. بالإضافة الى مخاوف من عودته ساحة رسائل متبادلة بين أطراف غربية وشرق أوسطية أخرى (كالولايات المتحدة وايران وغيرهما) مع دخول روسيا بقوة في الميدان الشرق أوسطي مؤخراً.
قوى لبنانية كثيرة تؤكد استحالة عودة لبنان الى دور صندوق البريد، نظراً الى أن سوريا نفسها لن تعود الى ما كانت عليه قبل حربها تماماً، ولا سيما أن مرحلة التحضير لإعلان الإنتصار على الإرهاب فيها تُرسَم روسياً، بأدقّ وأدقّ التفاصيل، بالتعاون مع الأميركيين والإسرائيليين والأوروبيين. ولكن، ماذا لو كان تأخير ولادة الحكومة يتمّ من باب ترقُّب سعودي لشكل واضح للتطورات السورية، ومراقبة كيف سيكون الدور السوري في لبنان في المرحلة القادمة، وقُدرة تأثير النظام السوري على حلفائه في لبنان، وهل سيتمكّن بمساعدتهم من انتزاع أدوار تمتّع بها سابقاً، وقد يقوم بفرضها على الروس أنفسهم وغيرهم، في المرحلة القادمة.
إذا صحّت تلك المقاربة، فهذا يعني ربما ان تشكيل الحكومة لن يتمّ قبل العام القادم، لأن عملية الرصد تلك والمراقبة والتقصّي والإستطلاع والتحقُّق، لا يمكن ان تأتي بالأجوبة اللازمة قبل مدّة طويلة.
ولكن تلك المقاربة نفسها قد تكون صحيحة في مكان ما، ليس فقط من باب تمسُّك الأطراف اللبنانية، ذات العلاقات الجيدة مع السعودية، بمطالبها المؤخّرة لولادة الحكومة في مكانٍ ما، بل من زاوية أن لبنان طالما كان "مختبر الشرق الأوسط". وقد يكون التعثّر الحكومي اللبناني الحالي أحد أوجه انتظار نتائج ما يتمّ وضعه في سوريا (إنهاء الحرب، إنهاء "داعش" والجماعات الإرهابية)، واليمن، وربما العراق وايران، وغيرها من الدول، وأخذ تلك النتائج بالـ "Formules" النهائية الخاصة بها من "المختبر" اللبناني. ونذكر في هذا السياق كيف أن "ربيع بيروت" عام 2005، والتحرّكات الشعبية فيها، أسّست للـ "الربيع العربي" والتحرّكات الشعبية في عواصم عربية عدّة عام 2011.
فهل من مواجهة محتملة بين السعودية وسوريا في لبنان مستقبلاً؟ أو بين سوريا وأطراف آخرين؟ وهل يمكن أن يعود لبنان الى ما كان عليه قبل الحرب السورية؟

أشار النائب السابق عماد الحوت الى أنه "يوجد بُعدان خارجيان للتعثّر الحكومي، الأول هو التسوية التي تُحضّر في سوريا، والثاني هو "الكباش" الحاصل في سوريا نفسها حول مدى التأثير الايراني في القرار السوري، أو غلبة القرار الروسي".

وقال في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" ان "أطرافاً لبنانية تحاول التعامل مع تشكيل الحكومة من منطلق تقوية تأثير المحور السوري – الايراني، وجعل هذا الأمر ينعكس على توازنات الحكومة نفسها، وعلى موازين القوى وعدد الوزراء والحقائب، وغير ذلك...".

وأضاف: الجميع حالياً ينتظر نتيجة "الكباش" الحاصل في سوريا ليُحدّد موقفه من الأحجام في الحكومة، ويقوم بعملية تسهيل تشكيلها".

ولفت الحوت الى أنه "توجد ايضاً عقوبات على ايران، وملف المحكمة الدولية التي من الممكن ان تُصدر قرارها خلال شهرين من الآن. ومن هنا، تبرز حاجة "حزب الله" الى تشكيل الحكومة، لكي يستطيع أن يؤمّن لنفسه الغطاء المحلي الرسمي اللازم في مواجهة ما هو قادم إليه من ضغوط وعقوبات وغير ذلك. ومجموع هذه الأبعاد الإقليمية يؤثّر في شكل مباشر على تشكيل الحكومة، والتأخير الحاصل في ذلك هو نتيجة عدم وضوح موازين القوى، وعدم وضوح حصص الأفرقاء في الحكومة".

وعن إمكانية أن يكون الدور الروسي القوي في سوريا أفضل للبنان، من أن تكون القوة الأكبر للدور الايراني فيها (سوريا)، لفت الحوت الى أن "لبنان لا يستطيع في جميع الأحوال إلا أن يكون متأثّراً بما يحصل في سوريا. ولكن بقدر ما ينأى لبنان بنفسه عن كل هذه المحاور، يكون أكثر ارتياحاً. ولكن، في مسألة الإختيار بين الدورين الروسي والايراني، أعتقد أن القرار الروسي هو أقدر على التعامُل مع لبنان ككلّ، بمرونة أكثر بكثير من القرار الايراني، لأن الايرانيين سيكونون طرفاً وهم ليسوا قادرين على التعاون مع لبنان بكلّيته".

ورداً على سؤال حول إمكانية أن تكون المعركة الأقوى في الحكومة القادمة بين النفوذَين السوري أو السعودي في لبنان، أجاب الحوت: أظن أن السوري هو أضعف من أن يكون جزءاً من صراع، والصراع الحقيقي هو مع الايراني وليس السوري.
وتابع: الكلام على أن من مصلحة السعودية أن لا تتشكّل حكومة في لبنان ليس دقيقاً، لأن الإستقرار اللبناني يُريح السعودية.

وأضاف: عن أي حكومة نتحدّث، إذا أردنا الكلام وفق المصلحة اللبنانية؟ فإذا ذهبنا باتجاه حكومة فيها سيطرة كاملة من محور على آخر، فإن ذلك سيؤدي الى فقدان التوازن السياسي في البلد، ولن يكون ذلك لمصلحة لبنان.
وشرح الحوت أنه "يوجد فريق لبناني يحاول الحصول على "الثلث المعطّل"، وآخر يحاول ان يحصل على "النصف المقرّر". ولكن كل هذه الحسابات في النهاية تبقى غير مناسبة للواقع اللبناني، وأعتقد أن هذه هي نقطة العرقلة الرئيسية. فمن يُريد الحصول على ثلث معطّل، يودّ أن يتحكّم من خلاله باجتماعات الحكومة. ومَن يريد "النصف المقرّر"، يودّ أخذ الحكومة باتجاه التنسيق مع النظام السوري، وفتح القنوات رسمياً معه".

وختم الحوت: أما بالنسبة الى السعودية، فمن مصلحتها ان تتشكّل الحكومة في لبنان ويستقرّ وضعه، لكي تخفّ الإرباكات في المنطقة ككلّ.

https://www.akhbaralyawm.com/68885_%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D9%87%D9%80%D9%80%D9%84-%D9%8A%D8%B9%D9%80%D9%88%D8%AF-%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%88%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%AF%D8%9F