د. عزام الأيوبي لـ"الشرق": السعودية المتضرر الأكبر من تكريس فكرة دعم الإرهاب

الخميس 2 تشرين الثاني 2017

Depositphotos_3381924_original

 

 أجرى الحوار- عبدالحميد قطب

د. عزام الأيوبي الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان:

حصار قطر عمل عدائي وغير مقبول بين الأشقاء

الأزمة الخليجية تزيد المنطقة نزيفاً وتدفع لتمييع قضايا الأمة

الإمارات تسخِّر كل ما تملك لإعاقة تقدم الشعوب العربية

الأزمة الخليجية أسهمت في التمهيد لفكرة تقسيم المنطقة

إسرائيل تقف وراء أجندة الخلاف القائم وهي المستفيد الأول منه

لبنان يتأثر بأي أزمة تصيب العالم العربي وتحديداً الخليج

التيارات الإسلامية خيار متجذر لدى شريحة كبرى في مجتمعنا

التطبيع خيانة لله وللأمة وأصحابه سيذكرهم التاريخ بما يستحقون

مواقف ترامب تتسم بالاضطراب إلى حد التناقض أحياناً

مطالب دول الحصار يصدق بحق بعضها أكثر من قطر

أتأسف أن تنزلق بعض الدول باختيارها إلى فخ ينصب لها

أكد الدكتور عزام الأيوبي الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان أن ما ورد في مطالب دول الحصار لا يعبر عن حقيقة دوافع الأزمة، مشيراً إلى أن السعودية ستكون المتضرر الأكبر من تكريس فكرة دعم الإرهاب.

وشدد في حواره مع "الشرق" على أن الأزمة الخليجية تزيد من نزيف المنطقة وتدفع لتمييع قضايا الأمة ، موضحاً أن الإمارات تسخِّر كل ما تملك لإعاقة تقدم الشعوب العربية.

وأوضح أن الجماعة الإسلامية تعتبر حصار قطر عملاً عدائياً وغير مقبول بين الأشقاء، مؤكداً أن إسرائيل تقف وراء أجندة الخلاف القائم وهي المستفيد الأول منه.

وإلى نص الحوار..

• كيف تنظر للأزمة الخليجية وانعكاساتها على قضايا المنطقة؟

** لقد جاءت الأزمة الخليجية في وقت أشدّ ما تحتاج فيه المنطقة إلى التلاحم والتضامن وتجنب الخلافات والانقسام، حيث إن التحديات والتهديدات التي تواجه منطقتنا كبيرة وتطول الجميع دون استثناء، ابتداءً من التحدي الداخلي الذي تفرضه الأفكار المتطرفة العابرة للحدود، وصولاً إلى مواجهة الأطماع المتزايدة بالاستحواذ على ثروات المنطقة ومقدراتها من قبل أطراف متعددة، ومروراً بالجبهات المشتعلة في أكثر من إقليم عربي، وما تحتاجه من جهود لإطفائها تفوق قدرة العرب مجتمعين، فكيف الحال إذا ما كانوا متفرقين؟!. لذلك نرى أن هذه الأزمة ليست في مصلحة أحد من العرب، لأنها ستزيد من النزيف في منطقتنا وستدفع إلى تمييع قضايانا إن لم تصل إلى حد تضييعها.

الحصار لم يقم على أسس واضحة

• هل تعتقد أن حصار قطر تلخص في مطالب الدول الأربع.. أم أن هناك أسباباً أخرى ؟

** لا أعتقد أن ما ورد في مطالب دول الحصار يعبر عن حقيقة الأسباب التي دفعتها إلى هذه الأزمة ، حيث نجد أن بعض المطالب تتعلق بأمور نشأت بعد الأزمة، مثل الوجود العسكري التركي، وبعضها الآخر يصدق بحق بعض دول الحصار نفسها، أكثر مما يصدق بحق قطر، مثل العلاقة مع إيران وسياسة القنوات الإعلامية وتدخلها في شؤون الدول الأخرى . وبالإجمال فإننا نرى أن الحصار لم يقم على أسس واضحة أو مقنعة، وإنما جاء في إطار أجندة تستهدف المنطقة برمتها.

• بخصوص مطالب دول الحصار.. كيف تنظرون لاتهامهم لقطر بدعم الإرهاب ؟

** ما يعنيني في هذا السؤال ليس كل دول الحصار، فهم ليسوا بذلك سواء، حيث إن البعض منهم لديه من السجلات في مجال القمع والإرهاب ودعم الخارجين عن الشرعية ما يكفيه ويفيض عنه.

لكنني أتأسف أن تنزلق بعض الدول باختيارها إلى فخ ينصب لها، حيث إن المتضرر الأكبر من تكريس فكرة اتهام دول المنطقة بدعم الإرهاب هم الأشقاء في السعودية، خاصة أن قانون "جاستا" قد صُنع لأجل السعودية وليس سواها، وبالتالي فإن تكريس الفكرة وإعطائها المشروعية باتهام قطر أو سواها، فإنها ستكون أول من يجني حصاد ذلك، وكان الأجدر بقيادة المملكة أن ترفض أي خطوة من شأنها قبول فكرة اتهام أي من دول المنطقة بدعم الإرهاب.

تقسيم المنطقة

• هل ترون حصار قطر مقدمة لتنفيذ أجندات تقسيمية في المنطقة ؟

** إن فكرة تقسيم المنطقة ليست بجديدة، ويتم تداولها منذ زمن، لكن الوصول إليها يحتاج إلى مقدمات من أهمها زرع الخلافات بين مكوناتها، وأظن أن الأزمة الأخيرة قد أسهمت كثيراً حتى الآن في تمهيد الطريق للتقسيم.

• هل للأزمة الخليجية انعكاس سلبي على الوضع اللبناني ؟

** لبنان يتأثر بأي أزمة تصيب العالم العربي، فضعف العالم العربي يضعف لبنان وقوته تقوينا، وتحديداً منطقة الخليج، التي تعتبر عمقاً إستراتيجياً للبنان ومصالحه ترتبط بها كثيراً، لذلك فإن الانقسام الحاصل اليوم يضعف الساحة اللبنانية ويرخي بظلاله علينا شئنا أم أبينا.

• هل تشاورتم مع الحكومة اللبنانية من أجل بلورة موقف موحد تجاه الأزمة الخليجية ؟

** طبيعة التركيبة السياسية في لبنان وتحديداً الحكومة اللبنانية لا تسمح لها باتخاذ موقف من الأزمة سوى الحياد، لأنه لا يخفى عليكم أن هناك انقساماً عامودياً حاداً بين المكونات اللبنانية بين مؤيد لمحور السعودية وبين معارض لها بشدة، وبالتالي فمن الاستحالة أن تتخذ الحكومة موقفاً من الأزمة.

• كيف ترى الحملة على التيارات الإسلامية التي أعقبت حصار قطر؟

** الحملة على التيارات الإسلامية قائمة ومستمرة قبل الحصار وبعده، إلا أنها استعرت أكثر عقب الحصار، نتيجة ظن القائمين عليها أن حصار قطر يمثل فرصة ذهبية لتوجيه الضربة القاضية لتلك التيارات. وقد فات هؤلاء أن التيارات الإسلامية لم تصنعها قطر، وإنما هي خيار متجذر لدى شريحة كبرى في مجتمعنا، وأن التقاءها مع قطر إنما كان نتيجة طبيعية لانتهاج الحكومة القطرية منهج التفهّم لخيارات الشعب والمجتمع ورعايتها، وهذا النهج يعطي القوة والمنعة لكل من الحكومة القطرية والمجتمع بكل تلاوينه.

• ما رؤيتك لمستقبل المنطقة ؟

** إن لم تع الأنظمة في منطقتنا ضرورة التكامل والتضامن فيما بينها من جهة، وفيما بينها وبين شعوبها من جهة أخرى، فإن المستقبل القريب لمنطقتنا سيء للغاية، حيث سيدفع نهج الإلغاء والتفرد ومصادمة إرادة الشعوب إلى مزيد من الموجات الثورية وبالتالي إلى تشظي المنطقة، نتيجة عمل القوى الاستعمارية على استثمار الصراع بين تلك الإرادات. إلا أنني وفي الوقت نفسه مؤمن بأن شعوبنا ستصل في نهاية الطريق إلى غايتها في التحرر والعدالة وبناء مستقبلها بيديها.

• كيف تنظرون لدور الإمارات في التصدي لثورات الربيع العربي؟

** من المؤسف جداً أن نرى دولة كالإمارات تسخِّر كل ما تملك من إمكانات لإعاقة تقدم الشعوب العربية نحو الحرية والعدالة والديمقراطية، وبصراحة لا يوجد لدينا حتى اللحظة تفسير منطقي لهذا الدور، ولا ندري ما هي الفوائد التي يمكن أن يحققها المجتمع الإماراتي من وراء سياسة حكومته، سوى ظهوره بمظهر المعادي لأكبر شريحة من أشقائه في سائر الدول العربية، وظهور تلك الحكومة بمظهر المحقق لمصالح الكيان الإسرائيلي، والدول الطامعة بثروات أمتنا.

• من المستفيد في هذه الأزمة ؟

** المستفيد الأول من هذه الأزمة هي إسرائيل.

• إذاً هي ليست غائبة عن الأزمة؟

**لا يمكن لإسرائيل أن تغيب عن أي حدث مهم في المنطقة، ولا يمكن كذلك أن تحدث أزمة عندنا إلا ويكون لها يد فيها أو سعي لاستثمارها. ولا أستطيع أن أخفي خشيتي من مظاهر التطبيع غير الاعتيادية التي رافقت الأزمة الخليجية، وكأنني أتلمس بها وقوف إسرائيل وراء أجندة الخلاف القائم من أجل جر فريق من دول المنطقة إلى مربع التطبيع، والتحالف معها تحت مسميات وتقاطع مصالح موهوم.

• في المقابل كيف ترون مطلب دول الحصار قطر بوقف دعم قطر للمقاومة الفلسطينية؟

** من أبرز مظاهر التطبيع التي تحدثت عنها آنفاً، تبني المطلب الإسرائيلي التاريخي بوقف كل أشكال المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، وإنه من المعيب ومن الخيانة للدين ولروابط الأخوة ولقيم الإنسانية أن تتبنى دول عربية مطالب صهيونية.

• خرجت بعض الدعوات المنادية بالتطبيع مع الكيان الصهيوني بدون اشتراط حل للقضية الفلسطينية.. كيف ترون الأمر ؟

**موقفنا في الجماعة الإسلامية كان وما زال وسيبقى بعون الله تعالى رافضاً للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، حتى ولو قبلت كل دول العالم بهذا الانبطاح، ونعيد التأكيد على أن دعوات التطبيع هي خيانة لله وللأمة، وأصحابها سيذكرهم التاريخ بما يستحقون.

• كيف ترون الموقف الأمريكي من قضايا المنطقة خاصة بعد مجيء ترامب ؟

** موقف الإدارة الأميركية غالباً ما يتسم بالنفاق، لأنه دائما ينظر إلى قضايانا من زاوية مصالحه الضيقة دون أي اعتبار لمصالحنا، وقد ساهم مجيء الرئيس ترامب مؤخراً بزيادة حجم الإرباك، حيث إن مواقفه تتسم بالاضطراب إلى حد التناقض أحياناً، وخاصة إذا أضفت إليها تعارضها مع مواقف بقية المؤسسات في الإدارة الأميركية وتحديداً الخارجية والبنتاغون. وبرأيي فإن أفضل السبل إلى التخفيف من آثار هذا الإرباك هو اعتمادنا على رؤانا الخاصة والمستندة إلى مصالحنا دون تردد ودون ضعف، وأظن أن النموذج الذي انتهجته الحكومة التركية إزاء الموقف الأميركي خير مثال على ما أقوله.

رفض الحصار

• ما موقفكم في الجماعة الإسلامية من حصار قطر.. وما الذي يمكن أن تقدموه؟

** نحن في الجماعة الإسلامية دائماً مع وحدة عالمنا العربي بل والإسلامي كذلك، وبالتالي فإننا على الدوام نرفض أي خطوة من شأنها أن تعكر صفو العلاقات الأخوية، ونعتبر الحصار عملاً عدائياً لا يجوز أن يكون مقبولاً بين الأشقاء في أي حال من الأحوال، وقد أعلنا رفضنا له ودعونا إلى حوار على قاعدة الأخوة والمصالح المشتركة لتجاوز هذه الأزمة.

http://www.al-sharq.com/news/details/522578