المؤتمر العام لـ ″الجماعة″: إنطلاق عهد إسلامي جديد.. بخطاب لبناني منفتح..

الثلاثاء 16 أيار 2017

Depositphotos_3381924_original

 غسان ريفي

شكل المؤتمر العام للجماعة الاسلامية في لبنان تحت عنوان: ″رؤية وطن″، إنطلاقة فعلية للعهد الجديد الذي بدأ قبل نحو عامين مع إنتخاب عزام الأيوبي أمينا عاما، والنائب السابق أسعد هرموش رئيسا للمكتب السياسي، وتجمّد فيما بعد، الى حين إنجاز الوثيقة السياسية، وإجراء الاصلاحات الداخلية، والانتهاء من تشكيل المكاتب واللجان وتقديم عنصر الشباب الى مواقع القرار وإشراك المرأة، وهي أمور جاء المؤتمر العام ليقرها، ويعلن عن إستراتيجية إسلامية ـ وطنية للجماعة قوامها الانفتاح على كل المكونات اللبنانية، ومواجهة العنف والتطرف، والحد من تأثير ″الاسلامفوبيا″ على لبنان والمنطقة ككل.

يمكن القول أنه مع إنتهاء المؤتمر العام، طوت الجماعة الاسلامية حقبة جيل المؤسسين، لمصلحة جيل المخضرمين والشباب، وتؤكد قيادات الجيلين أن جيل المؤسسين يبقى النموذج والنبراس حيث عاشت الجماعة في كنفه عصرها الذهبي، وأن النهج سيبقى قائما ليشكل ″خارطة طريق″ للشباب، ليترجموا من خلاله دينامكيتهم على المستويين الاسلامي واللبناني.

لم تعد الجماعة بعد مؤتمرها العام، حركة ذات إهتمامات أو أهداف محصورة إسلاميا، بل هي قررت الانفتاح بشكل واسع وكامل على الواقع اللبناني، للاهتمام بالسياسة والاقتصاد والقضايا الاجتماعية والمطلبية والحياتية، شأنها في ذلك شأن كل الأحزاب والتيارات اللبنانية، وفق قاعدة: ″إما الدخول في كل حساب، أو الخروج من كل حساب″.

هذا التطور في النهج والاسلوب يرى فيه كثير من القيادات أنه سوف يساهم في تنشيط حركة الجماعة على الساحة اللبنانية ككل، بخطاب وطني وسطي معتدل ذو بعد إسلامي، بما يمكنها من مواجهة الاستحقاقات السياسية لا سيما الانتخابات النيابية التي قد تجري وفق قانون النسبية الكاملة، ومن توسيع مروحة تحالفاتها، أو إقناع سائر الطوائف بالتصويت لمرشحيها.

إذا، فقد ساهم المؤتمر العام في ″لبننة″ الجماعة، وقدّمها كحركة إسلامية لبنانية، تنطلق من دوائر ثلاث: الدائرة الوطنية، الدائرة العربية والقومية، والدائرة الاسلامية على أن يصار الى ترتيب هذه الدوائر بحسب الأولويات التي تقتضيها الظروف اللبنانية.

كثيرة هي أوراق العمل التي ناقشها المؤتمر العام، حيث حرصت الجماعة على أن تقول بأنها تشغل حيزا مهما في الساحة الاسلامية، من خلال طروحاتها التي تؤكد على الثوابت في رفض التطرف والعنف والارهاب بالدرجة الأولى، وفي مواجهة المشروع الصهيوني في الخارج، ومواجهة نهج الظلم والفساد السياسي في الداخل.

وعلى المستوى الاسلامي أكدت الجماعة في مؤتمرها على ضرورة السير في مشروع وحدة الموقف الاسلامي عموما، وفي ترتيب البيت السني الداخلي، وضرورة قيام مرجعية سياسية إسلامية وطنية، إنطلاقا من أن الساحة السنية تعيش منذ فترة أزمة قيادة وأزمة مرجعية.

وحرصت الجماعة في هذا الاطار، على توجيه رسالة غير مباشرة الى الرئيس سعد الحريري، بتأكيدها أنه لا يمكن لأي فريق داخل الطائفة السنية أن يقوم بأعبائها بمفرده، أو أن يتحكم بقرارها منفردا، بل المطلوب قيام تعددية سنية تستطيع أن تقوم بخدمة المسلمين خصوصا واللبنانيين عموما، وتنفتح على الواقع اللبناني بكل مكوناته، وتنهي بعض حالات الخروج عن الاجماع الوطني والاسلامي.

وتشير المعطيات الى أن المؤتمر العام ناقش بشكل مستفيض العلاقة مع الاخوان المسلمين، في ضوء الورقة التي قدمتها حركة المقاومة الاسلامية حماس.

ولفتت هذه النقاشات الى أن الورقة التي قدمتها حماس كانت معبرة، وتخاطب الشأن الفلسطيني الداخلي، وأن حماس لم تخرج من فكر الحركة الاسلامية المعاصرة، بقدر ما شدت على خصوصية القرار الاسلامي الفلسطيني الداخلي.

كما أكدت هذه النقاشات أن الجماعة هي مع الخصوصية الاسلامية اللبنانية، إنطلاقا من كونها حركة تطرح وتعالج وتهتم بالعناوين المتعلقة بالساحة اللبنانية، مشددة على أن العلاقة مع حركة الاخوان المسلمين هي علاقة نهج وفكر وتاريخ، وهي ليست علاقة عضوية أو تنظيمية، في وقت تبقى فيه ″حماس″ تشكل خيار الجماعة على الساحة الفلسطينية، وأن علاقتها معها قائمة على التنسيق والتعاون والتناغم بما يخص قضية فلسطين.

ويقول رئيس المكتب السياسي النائب السابق أسعد هرموش لـ″سفير الشمال″: إن الجماعة هي حركة إسلامية وسطية متنورة ومعتدلة، تسعى الى قراءة الواقع اللبناني قراءة واضحة، بين يدي ″الاسلامفوبيا″ والحملة التي تحاول أن تظهر فشل الطرح الاسلامي في المنطقة.

ويشير هرموش الى أن المؤتمر العام كان خطوة متقدمة جدا على صعيد إعتماد خطاب سياسي لبناني جديد يلائم الوضع القائم ويدفع باتجاه تمتين الوحدة الوطنية وتقديم الأولويات التي يراها اللبنانيون، لذلك كان عنوان مؤتمرنا: ″رؤية وطن″.

ويؤكد هرموش أن العلاقة مع حزب الله لم يجر التطرق إليها في المؤتمر العام، إنطلاقا من موقف الجماعة حيال مشاركته في أحداث سوريا، معتبرا أن خطوة إنسحاب الحزب من المنطقة المتاخمة للحدود اللبنانية، مع أجواء ما يجري في الآستانة من تقارب تركي، روسي إيراني، ومن دون معارضة سعودية، تشير الى إمكان حصول تسوية ستنعكس حتما على الساحة اللبنانية، مشددا على أن المقاومة في الجنوب هي حق مشروع لكل اللبنانيين، وأن الوجود المسلح لحزب الله في سوريا هو وجود في المكان الخطأ، لأنه يستهدف حرية الشعب السوري في إختيار النظام الذي يريد.

ويشير هرموش الى أن المؤتمر العام أعطى أولوية لمشاركة الشباب الذين كانت نسبتهم ثلث المشاركين، إضافة الى الحضور الكثيف للقطاع النسائي، ما يعكس حرص الجماعة على إشراك المرأة في مواقع القرار، لافتا الى مشاركة عضوة القيادة المركزية للجماعة الدكتورة ختام الحاج شحادة في كل النقاشات وفي إتخاذ القرارات.

http://safiralchamal.com/2017/05/16/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%84%D9%80-%E2%80%B3%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9%E2%80%B3-%D8%A5%D9%86%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%B9%D9%87/