لحظة الحقيقة

الإثنين 16 كانون الثاني 2017

Depositphotos_3381924_original


أقفل الاسبوع الماضي على ملفين لم يجد أيّ منهما حلاً لأزمته. ملف القانون الانتخابي الذي يجري حوله جدل بيزنطي لم يفض الى اليوم الى أية نتيجة. وملف سلامة الطيران المدني في مطار رفيق الحريري بعد بروز قضية طيور النورس التي وجدت في مطمر النفايات في "الكوستا برافا" ملاذاً لها تجد فيه طعامها وضالتها.
في الملف الأول، حين كنا نسمع أن القوى السياسية والكتل النيابية التابعة لها ترفض إجراء الانتخابات وفقاً للقانون النافذ، المعروف بـ "قانون الستين"، وتصرّ على إقرار قانون جديد حديث وعصري يؤمّن صحة التمثيل وعدالته، اتفقت كل القوى على المطلب، ولكنها أرادته على مقاسها فاختلفت على التفاصيل، لأنها تدرك أن نصف الطريق - إن لم يكن أكثر من ذلك - الى المجلس النيابي تكمن في القانون الانتخابي. تدرك أن هناك قوى سياسية حاضرة بقوة في الوسط الشعبي ولكن قانون الانتخاب غيّبها عن الندوة النيابية، وفي مقابل ذلك هناك قوى أخرى يكاد يكون حضورها خجولاً في الوسط الشعبي ولكنه منتفخ في الندوة النيابية بفضل القانون الانتخابي. لذا برزت الخلافات عند الوصول الى التفاصيل، كل جهة تريد قانوناً على مقاسها، وظهرت مع هذه الخلافات المواقف الحقيقية الأكثر جرأة من بين كل القوى السياسية، وعلى عادته كان رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط الذي اعترف أنه يريد القانون الأكثري وفقاً للستين، لأن النسبية تحتاج الى ظروفها غير المتوفرة حتى الآن في لبنان بحسب جنبلاط. أما الآخرون فقد لاحظنا كيف اصطفوا خلف جنبلاط، وراحوا يؤكدون أنهم لا يستطيعون المضيّ في إقرار أي قانون من دونه، في اعتراف ضمني بالموقف الحقيقي الذي يراود كل طرف من هذه الأطراف وصولاً الى حديث الرئيس نبيه بري أمام زواره ،الذي أكد فيه أن الانتخابات ستجري في وقتها وفقاً لقانون الستين.
إذاً، كل الأطراف السياسية، خاصة تلك الفاعلة والمؤثرة، باعت الأوهام لناخبيها طيلة الفترة التي تحدثت فيه عن قانون انتخاب حديث وعصري، ووصلت الى لحظة الحقيقة التي اعترفت فيها بموقفها الحقيقي من قانون الانتخاب.
أما في الملف الثاني فقد اكتشفت الجهات المعنية حجم الكارثة التي ارتكبتها وهي مسؤولة عنها من خلال السماح بطمر النفايات قرب مطار رفيق الحريري الدولي، واكتشفت الخطر الذي يتهدد سلامة الطيران جراء هذا الإجراء، وهو ما يهدد المطار بالاقفال لو استمر العمل بهذه الوتيرة الذهنية.
لقد اختلفت هذه القوى على اقتسام المغانم ورفضت أن تتقاسم المغارم، فراحت قبل مدة زمنية تقذف كرة النفايات على بعضها، فوصلنا الى هذه النتيجة. اليوم نواجه لحظة الحقيقة أمام هذه الأزمة، التي بدأت تتكدس فيها النفايات في الشوارع بالأطنان. اليوم نحتاج الى حل وإلى جرأة، نحتاج الى الخروج من منطق التفكير الضيق والأناني الى رحاب التفكير الوطني لبلوغ الحلول، والخروج من منطق المحاصصة الطائفية والمذهبية والسياسية الى منطق العمل الوطني الجامع، وإلا فإننا سنواجه مزيداً من الحقائق الصادمة التي ستأتي ذات يوم  ]إشكالية الطيران المدني يجب أن تدفع الى حل أزمة النفايات حلاً جذرياً،  او حل أزمة المطار حلاً جذرياً عبر البديل المساعد والحاضر في الشمال.
المكتب الإعلامي المركزي