إرادة ومسؤولية !
الثلاثاء 1 آب 2017
قضيتان ما زالتا متفاعلتين خلال الاسبوع المنصرم. قضية أحداث جرود عرسال، وتداعيات المواجهة التي جرت على أرضها بين حزب الله من جهة مدعوماً بقوات وطائرات النظام السوري، وبين جبهة فتح الشام، وقد أفضت المواجهات الى صفقة بين الطرفين قضت بوقف اطلاق النار، ومن ثم جرى تبادل جثامين لمقاتلين من الطرفين سقطوا خلال المعارك، ومن ثم بعد ذلك تبادل أسرى لحزب الله وإجلاء مقاتلين لفتح الشام.
يمكن القول إن هذه الصفقة أو الاتفاق حقق مرحلياً إنجازاً لكل طرف من الأطراف المعنية، الا أنه كشف مرة جديدة أن قرار الدولة وسيادتها منقوصة ومصادرة، وإن كانت النتائج كما ألمح الى ذلك كل الشخصيات السياسية وحتى الاطراف تصب في صالح البلد.
المهم في كل ما جرى هو أن الأمر لم ينزلق الى أتون فتنة تؤدي الى كارثة إضافية بحق اللاجئين، أو بحق القرى والبلدات المجاورة، لا سيما بلدة عرسال. إلا أن هذا الخطر المحدق ما زال قائماً ولم ينتفِ بشكل كامل، "فالرؤوس الحامية" عند كل الاطراف، والاعلام غير المسؤول الذي يمارس "لعبة" التحريض باستهتار كبير، قد ينزلق بالبلد الى مجهول يبدو الجميع بغنى عنه، لذا وأمام هذه المخاطر فإن مسؤولية حماية أهل عرسال وحماية اللاجئين الذين تعرضوا لحملة "شيطنة" طيلة الفترة الماضية، هي مسؤولية الحكومة، ومسؤولية الجيش اللبناني حصرياً، وهو قادر على القيام بهذه المسؤولية ويحظى بثقة الأهالي، بل وبثقة كل اللبنانيين الذي يجدّدون ثقتهم به لمناسبة عيده في الأول من آب.
أما القضية الثانية التي ظلت متحركة فهي الحراك التضامني مع وقفة أهالي مدينة القدس والداخل الفلسطيني في وجه الاعتداءات التي أقدمت عليها قوات الاحتلال بحق المسجد الاقصى والمصلين فيه، والتي جعلت كيان الاحتلال يتراجع عن قراراته لأول مرة في تاريخه ويخضع للارادة الفلسطينية، وقد أثبتت الارادة الفلسطينية أنها قادرة على قهر ارادة الاحتلال بإمكانات متواضعة بسيطة وصغيرة، مهما ملك الاحتلال من إمكانيات، وقادرة على صناعة الانتصار الجزئي والمرحلي لكل الفلسطينيين، بعيداً عن منطق التفاوض الذي قاد سابقاً الى تنازلات كثيرة كادت تطيح بالقضية الفلسطينية. كما عبّرت الجماهير العربية في أكثر بلد عربي عن أنها ما تزال تقف الى جانب الشعب الفلسطيني في معركته للدفاع عن الأقصى وعن حقه بتقرير مصيره وبناء دولته على كل ترابه .
قد تنتهي قضية عرسال اليوم أو خلال أيام، و تتحول الأزمة من صراع بين حزب الله و النصرة، الى معركة أوسع بين الجيش اللبناني و "تنظيم الدولة"، و عندها سوف تمتد المواجهة من الأراضي اللبنانية الى سوريا، حيث تسيطر "داعش" على مناطق شاسعة، و كذلك بعض الفصائل السورية. لذلك نقول إن الأمن و الستقرار في لبنان مرتبطان بمآلات الأزمة السورية، التي لم يظهر لها أفق للحل أو الحسم.
المكتب الاعلامي المركزي