خلل في رأس المؤسسات
الإثنين 29 تموز 2019
يستمر تعطيل انعقاد مجلس الوزراء على خلفية حادثة "قبرشمون" وتمسك كل طرف بموقفه لناحية طلب او رفض إحالة الحادثة الى المجلس العدلي، فيما فشلت الى الان كل المساعي التي بُذلت من أجل إنجاز الحل الذي يؤمّن العدالة ويرسي الاستقرار ويحرر الحكومة من "الأسر".
من حق طرف الضحية أن يطالب بما يراه مناسباً لتحقيق العدالة في هذه القضية ومن حق الطرف الآخر أن يتخوف من تسييس القضية من خلال إحالتها الى المجلس العدلي، خاصة وأن هذا الطرف مسكون بهواجس لها مبرراتها لناحية استهدافه سياسياً، وربما غير ذلك، على خلفية مواقفه الداخلية أو حتى الخارجية المتصلة بأوضاع المنطقة ، لا سيما منها في سورية.
ومن حق اللبنانيين أيضاً أن ينعموا بالاستقرار السياسي والأمني وحتى الاقتصادي، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي يعيشونها والتي تلقي بثقلها عليهم جميعاً. لذا لم يعد من الجائز حتى هذه الساعة تعطيل البلد، وتعطيل مجلس الوزراء مهما كانت الأسباب أو الاشكاليات. هناك مسارات يمكن أن تسلكها هذه القضية أو غيرها، قضائياً وأمنياً وغير ذلك. إلا أن استمرار العمل الحكومي الذي يجنّب البلد المزيد من المآزق يجب أن يشكل أولوية لا تتقدمها أية أولويات أخرى، خاصة أن تعطيل الحكومة يصيب كل اللبنانيين بالضرر.
وفي سياق الحديث عن التعطيل والحل لا بد من التذكير بأهمية احترام والتزام الصلاحيات التي أقرها الدستور، لأن أي تجاوز لهذه الصلاحيات يمكن أن يولّد احتقاناً ومشكلة في البلد، بغض النظر عن ضرورة إجراء اصلاحات في النظام السياسي من عدم ذلك.
أما بالنسبة للموازنة التي تضمنت في صلبها مادة حفظت حق الفائزين في مجلس الخدمة المدنية بوظائف عامة، فإن الحديث عن رد هذه المادة، أو الطعن بها فيه تجاوز للدستور وحقوق المواطنين، وإلا ما معنى أن يكون لنا في لبنان مجلس للخدمة المدنية يشكل بوابة الزامية للعبور نحو الوظائف العامة؟! إذا كان البعض سيطيح بهذا المجلس لاعتبارات خاصة وطائفية ، فقد يكون ربما من الأَولى الاطاحة بالدستور نهائياً، وهذا ما لا يجوز وما لا ينبغي أن يكون.
الحديث عن المناصفة في الدستور شمل الفئة الأولى على المستوى الوظيفي ولم يشمل الفئات الأخرى، لذا ليس من المنطقي العودة الى ما قبل الطائف، لأن من شأن ذلك أن يولّد الحرب أو عدم القناعة الحقيقية بالمناصفة، وهذان الأمران كفيلان بنسف الاستقرار السياسي والأمني فضلاً عن الاقتصادي.
آن الاوان كي يتخلى الجميع عن الطموحات التي تهدد البلد بكل مكوناته. آن لهم أن يقتنعوا بالشراكة التي تنصف الجميع على قاعدة المواطنة التي تحفظ الحقوق والواجبات للجميع.
المكتب الإعلامي المركزي