ما ضاع حق خلفه مطالب
الإثنين 19 كانون الأول 2016
وأخيراً تمخّضت المساعي والاتصالات والمشاورات، فولدت حكومة من ثلاثين وزيراً نزولاً عند رغبة الاطراف الفاعلة، بل المهيمنة على كل شيء في هذا البلد، والتي تملك قدرة فائقة على التعطيل والتأخير والابتزاز. وُلدت – كما قيل – حكومة ما بعد حلب! حكومة ثلاثينيّة كان فيها أغلب ما أراد أصحاب هذا المطلب، وإلا فإن الانتظار على قارعة المساعي كان قد ظل سيد الاتصالات والمشاورات.
وأن تأتي هذه الحكومة بهذا الشكل ولو متأخرة أفضل من أن لا تأتي، وأن يبقى لبنان برئيس جمهورية هذه المرة ومن دون حكومة.. هكذا يقول البعض، ولا ندري ما إذا كانوا محقين بذلك أم أن هذا التفسير والتحليل يأتي من باب تبرير الخطوات ليس إلا! إذ يسأل البعض الآخر كيف تكون أفضل من "تصريف الأعمال" إذ كان قد تم النزول على شروط الطرف الذي يملك التعطيل والتأخير، حتى صارت تسمى "حكومة ما بعد حلب".
على كل حال، تشكلت الحكومة وكان من الممكن ان تكون حكومة وحدة وطنية حقيقية فعلية، لو ضمت كل الطيف السياسي في البلد، فإن التحدي الآن امام الحكومة هو في إعداد وإقرار قانون انتخابات نيابية يكون عادلاً ويمثل كل مكونات الشعب اللبناني، ولا يأخذ بالاعتبار مصالح بعض القوى السياسية، ثم إجراء الانتخابات في وقتها. والكل يظن أنه من سابع المستحيلات أن تنجز حكومة قامت على هذه المحاصصة قانون انتخاب عادل وشفاف، وأن تتجاوز القوى السياسية فيها منطق المحاصصة في قانون الانتخاب، وهذا تحدّ يواجه الحكومة، ويواجه القوى السياسية التي تدّعي المصلحة الوطنية وبيدها مقاليد الحل والربط في القانون الانتخابي.
إقليمياً، تواصلت المأساة الحلبية والمجازر التي ترتكب بحق أهل المدينة، وهذه المرة بطريقة "الذبح بالقطنة". فالتهجير والتسفير يجري على مرأى ومسمع بل مشاركة الأمم المتحدة، ومن دون أدنى جهد لتثبيت هؤلاء الناس في منازلهم وأحيائهم ومدينتهم. ومن يمكن أن يقول لنا متى يمكن أن يعود هؤلاء الى بيوتهم؟ وهل سيعودون أم لا ؟ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الذي يدّعي الحضارة وحقوق الانسان بدل أن يسعى لوقف آلة القتل الهمجية التي تنهش في لحم أطفال حلب ونسائها، تراه يشارك في جريمة تهجير هؤلاء من مدينتهم!! ولا تقل مسؤولية العرب والمسلمين، بل حتى المعارضة السورية عن هذه الفاجعة وسياسة التهجير الجديدة. أما أولئك الذين يمارسون هذه السياسة القذرة فإنهم لا يذكروننا إلا بعصابات "الهاغانا" ومثيلاتها التي اقترفت ذات يوم جريمة تطهير فلسطين من أهلها، وإنشاء الكسيان الاسرائيلي الغاصب فوق أرضها. ولكن نقول: "ما ضاع حق وراءه مطالب".
المكتب الإعلامي المركزي