ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها النائب الدكتور عماد الحوت في مسجد الحسن في عرمون
الإثنين 28 تشرين الثاني 2016
الخطبة الاولى
أيها الإخوة المؤمنون،
يقول الله تعالى في كتابه الكريم (وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين).
تعالوا نستعرض معاً قصة ملك ابن ملك هو سيدنا سليمان ابن داوود عليهما السلام مع مخلوق من أصغر مخلوقات الله سبحانه وتعالى وهي النملة.
يقول الله تعالى في سورة النمل:
وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس عُلمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين * وحُشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون * حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون * فتبسم ضاحكاً من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين *.
لقد بدأت القصة بقوله تعالى (ولقد أتينا داود وسايمان علماً وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين) ليقرر
- بأن عامل الفضل بين إنسان وآخر مرتبط بالعلم ووعائه العقل والحمد وهو نتيجة الإيمان ووعائه القلب. وإذا أراد الإنسان أن ينال درجةً من الفضل عليه الإقبال على تحصيل العلم بوجهيه، العلم الديني من خلال الإرتباط بالمسجد، والعلم الدنيوي بكل ألوانه.
- شعور المؤمن بواجب الحمد لله على ما ينعم عليه وهذا ما فعله داود وسليمان، وكم من نعمةٍ أنعمها الله على كل واحدٍ منا تستحق ما يليق بواهبها من حمد، نعمة الأمن، نعمة الشبع، نعمة الأولاد، نعمة السمع والبصر وغيرها من النعم الكثيرة.
المشهد الثاني في قوله عز وجل (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس عُلّمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين)
وتضمن هذا المشهد التحديث بالنعمة ونسبتها لأهلها، حيث قام سليمان بذكر نعم الله عليه من تعلم منطق الطير وغيره أمام الناس وذلك ليس تكبّراً واستعلاءً وإنما لنسبة هذا الفضل الى الله عز وجل وليشجعهم على حمده والإعتراف بفضله كما فعل، كما إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
المشهد الثالث ورد في الأية التالية: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يأيها النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ، ليؤشر الى
- أهمية الفرد في المجتمع حين يشعر بالمسؤولية ويقوم بالمبادرة، فنملة مجهولة شعرت بمسؤوليتها تجاه قومها حين رأت جيش سليمان مقبلٌ على الوادي فبادرت الى تحذيرهم وإنقاذهم، وكذلك واجب كل واحدٍ فينا في مجتمعه.
- حسن الظن وهو جزء من القيم التي تحكم تفكير المؤمن فلم تفقد النملة توازن تفكيرها أمام المحنة وإنما حافظت على حسن الظن والتماس العذر حتى يثبت العكس (وهم لا يشعرون).
- تقديم المصلحة العامة على الاعتبارات الخاصة حيث أن النملة عممت في التحذير على جميع النمل ولم تخص به قريب أو صديق.
أما المشهد الرابع فيتمثل بموقف سليمان (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)
- فنرى ردة فعل سليمان وهو الملك ابن الملك وصاحب القوة على قول النملة بأنه طمأنها بابتسامة منه وهذا طبع المؤمن يحرص على أن يكسب القلوب بابتسامته والقول الطيب والتواضع والتودد للناس وهو الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ألفٌ يؤلف.
- بر الوالدين: حيث تذكر سليمان والديه وهو يحمد ربه على ما أنعم عليه، فقام بحمده نيابةً عنهما ليكتب لهما أجر الحمد وهما أموات، وهكذا واجب كل واحدً منا أن يفعل تجاه والديه فيذكرهما في كل دعاء يدعوه لنفسه، وفي كل حمدٍ يحمده لله، وفي كل خيرٍ يطلبه أو يفعله، كيف لا وهما أصل وجوده، وهما من أوصى الله بهما في أكثر من موضع.
- تسخير القوة لما فيه صلاح ورضا لله، فالقوة إذا كانت في خدمة الحق كانت عدلاً وإذا كانت في خدمة الباطل كانت ظلما.
- حب الانتماء للصالحين: وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين، فالمء يحشر مع من يحب يوم القيامة، وقد صور لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يختار كلٌ منا من يصاحب، فذكر حامل المسك صاحب الإيمان والأخلاق والقيم لا بد أن ينالك من عطره شيء، ونافخ الكير البعيد عن كل ذلك فلا بد أن يصيبك من ناره شرر.
الخطبة الثانية
مشهدان من فلسطين الحبيبة:
مشهد اعتقال العدو الصهيوني لشيخ الأقصى الشيخ رائد صلاح في محاولةٍ منه للتأثير على معنويات المقدسيين ليوقف انتفاضتهم فكانت النتيجة ازدياد الإنتفاضة قوةً وضراوة مما يؤكد أن في الإسلام قوة كامنة تدفع كل واحدٍ منا للصمود والتغيير ولكن ذلك يتطلب منا ثقةً بأنفسنا وديننا ودبنا.
المشهد الثاني: محاولة العدو الصهيوني منع الأذان:
- وفيه تأكيد أن العدو يخشى الإسلام لأنه قوي ويشكل مصدر قوة للمؤمنين به، لذلك هو استهدف إلغاء شعيرة من شعائره لتتلوها مستقبلاً شعيرة وثانية وثالثة ليبتعد أهل فلسطين عن دينهم، وهذا يعني أنه من واجبنا أن نثق بأنفسنا وبأن الإسلام لا يزال قوياً وإلا لم يكن ليُستهدف وأنه في مواجهة الأزمات والمحن لا بد من مزيد من الالتصاق بديننا والتمسك به.
- إن أذان الناس من على سطوح بيوتهم يشير الى أن أهل فلسطين واجهوا التحدي بالتحدي وهذا منهج في التعامل مع الضغوط والأزمات ينبغي أن نوطن أنفسنا عليه.
- تضامن النصارى ورفع الأذان من الكنائس يؤكد أن هناك مساحات مشتركة ينبغي علينا أن نبحث عنها ونعززها لنزيل فكرة أن أمتنا هي مجموعة أقليات يسعى العدو للإيقاع فيما بينها وإنما هي أمة واحدة بكل مكوناتها لها قضاياها المشتركة ويقوي بعضها بعضا.