مركز الزيتونة يعقد ندوةً بمناسبة إطلاق كتابه "الجماعة الإسلامية في لبنان: 2000-1975"
الجمعة 10 شباط 2017
وقد شارك في الندوة كل من الأمين العام للجماعة الإسلامية الأستاذ عزام الأيوبي، والمؤرخ الدكتور حسان حلاّق والأستاذ الدكتور رامز طنبور، عميد كلية الإعلام في جامعة الجنان، والأستاذ إبراهيم المصري الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية. وحضر الندوة ثلةٌ من قيادات الجماعة ورموزها وحشد من المثقفين والإعلاميين والمهتمين.
في بداية الندوة، ألقى د. محسن محمد صالح، المدير العام لمركز الزيتونة، كلمة الافتتاح، حيث رحّب بالحضور، واستعرض محتوى الكتاب، وقال إن الدراسة استغرق إعدادها ست سنوات، واعتمدت على الوثائق والكتب والدراسات المنشورة، وكذلك على التاريخ الشفوي من خلال المقابلات التي أجريت مع شخصيات كانوا جزءاً من الأحداث، وقد تم اعتماد الدّقة والمهنيّة والموضوعيّة والتحقيق العلمي.
وتحدث الأمين العام للجماعة الإسلامية الأستاذ عزام الأيوبي، فشكر مركز الزيتونة والباحثين الذين أسهموا في إعداد هذا الكتاب، وقال إن الجماعة ليست ملكاً للجماعة فقط بل هي ملكٌ للأمة كلّها، لذلك فإن تاريخ الجماعة لا يجب أن يبقى حبيس الأدراج، بل ينبغي أن يكون بإمكان كل فرد أن يطّلع عليه ليأخذ العبر والدروس والمنهج ليكون منارة ومساراً لكافة البشرية، ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب العلميّ.
ثم كانت مداخلة للباحثة الأستاذة رنا سعادة، التي شاركت في إعداد الكتاب، متحدثةً عن محورين تناولهما الكتاب؛ الأول: التطور التنظيمي والانتشار الدعوي، والثاني: الأداء السياسي، مشيرةً إلى أن المرحلة التي غطّاها الكتاب، أي 2000-1975، شهدت فيها الجماعة الإسلامية تطوراً تنظيمياً وانتشاراً دعوياً لافتاً في جميع أنحاء لبنان. أما بالنسبة للهيكليّة، فلم يكن توصيف الهيكليّة التنظيميّة ثابتاً وكذلك هيكليّة المكاتب الإدارية، فقد اتسمت بالتفاوت تبعاً لواقع المنطقة التي تديرها واحتياجاتها.
وأضافت سعادة أنه وبالرغم من ذلك، فقد تميزت الفترة بتقنين العمل التنظيمي من خلال مجموعة من اللوائح الداخلية، كما تميّزت بتشكيل ثلاث مكاتب مركزية إضافية وهي: المكتب السياسي، ومكتب المغتربين، وهو لرعاية شؤون المغتربين، ومكتب فلسطين الذي كان نواةً فيما بعد لإنشاء تنظيمٍ مستقلٍ للإخوان الفلسطينيين في الساحة اللبنانية.
ثم تحدثت عن السمات التنظيمية اللافتة لتلك الفترة وذكرت منها تداول القيادات لمراكز القرار، ومثال ذلك منصب الأمين العام الذي مرّ عليه في تلك الحقبة الدكتور فتحي يكن والشيخ فيصل مولوي رحمهما الله. أما من ناحية الانتشار الدعوي، فقد كان لافتاً توسّع الجماعة باتجاه عدد من المناطق اللبنانية كعكار وإقليم الخروب والبقاع وكذلك في أكثر المخيمات الفلسطينية.
أما بالنسبة للأداء السياسي، فلقد عاشت الجماعة في تلك الفترة العديد من التقلّبات السياسية والعسكريّة كغيرها من الفرقاء اللبنانيين؛ مثل الحرب اللبنانية، والاجتياح الإسرائيلي، والوجود السوري. كما خاضت في التسعينيات الانتخابات النيابية والبلدية.
ثم تحدثت الباحثة الأستاذة فاطمة عيتاني، والتي شاركت أيضاً في إعداد الكتاب، وقالت إن هذا الكتاب تناول حركة إسلامية متجذّرة ومتأصّلة في العالم الإسلامي، وكان لها الفضل الكبير على معظم الحركات والجمعيات الإسلامية العاملة في الساحة الإسلامية، ولعلّ الأجيال الحاليّة والمستقبليّة للجماعة أن تستفيد من التجارب الغنيّة التي خاضتها. ثم تناولت عيتاني محوريّ العمل المقاوم والعمل المؤسساتي الذَين مارستهما الجماعة، حيث استطاعت الجماعة أن تترك علامةً فارقة خصوصاً في البيئة الإسلامية خلال المرحلة التي تناولها الكتاب، فقد كانت سبّاقةً إلى العمل الجهادي المقاوم.
ثم تناولت العمل المؤسساتي والتخصصي في الجماعة، وأشارت إلى أن تلك الفترة، أي 1975–2000، شهدت تطوّر العمل المؤسسي للجماعة؛ حيث أطلقت الجماعة عدداً من المؤسسات والجمعيات التي قدمت للمواطن اللبناني بشكل عام الخدمات التعليميّة والصحيّة والإغاثيّة.
ثم كانت مداخلة للدكتور حسان الحلاق، فقال إنه شرفٌ لي أن اتحدث عن هذا الكتاب، ومن الأهميّة القول إن تكوين فكرة عن إسهامات وأعمال وفكر الجماعة الإسلامية في لبنان، لا يمكن أن يتكامل إلا من خلال الاطلاع على الجزء الأول والثاني من الكتاب. وأضاف لقد استطاع الباحثون والباحثات التوثيق للجماعة الإسلامية في مرحلة هي من أخطر المراحل التاريخيّة والمفصليّة التي مر بها لبنان والجماعة بين أعوام 1975 – 2000، لا سيما بعد تقاطع الصراعات والمصالح اللبنانية والعربية والإقليمية والدولية، فلم تكن "الجماعة الإسلامية" في هذه الفترة شاهدةً على العصر فحسب من خلال الأحداث التي عصفت في المنطقة، بل كان للجماعة الإسلامية دورٌ فاعل، وشاركت في وضع الحلول السياسية للقضية اللبنانية التي بدأت في 13 نيسان/ إبريل سنة 1975. كما كان للجماعة مواقف واضحة من التطورات العربية والإقليميّة المرتبطة بشكل أو بآخر بقضية لبنان سنة 1982، والصراع الداخلي بين اللبنانيين، واتفاق 17 أيار/ مايو 1982 بين لبنان والكيان الإسرائيلي، ومن ثم موقف الجماعة من اتفاق الطائف 1989.
وأضاف الدكتور حلاّق أن الكتاب كشف بعض الأسرار عن مسيرة الجماعة، ولا سيما المجال العسكري والتسلّح والعلاقة مع القوى والفصائل اللبنانية والفلسطينية، وكذلك دورها في مقاومة العدو الإسرائيلي في صيدا. وقال إن كتاب الجماعة هو كتاب وثائقيّ، يسلّط الضوء على حقبةٍ مهمةٍ من تاريخ الجماعة ولبنان وفلسطين والمنطقة العربية، وفيه إثراء للمكتبة العربية، وهو جدير بالقراءة.
ثم تحدث الأستاذ الدكتور رامز طنبور وتوجّه بالشكر لمركز الزيتونة والباحثين الذين شاركوا في إعداد الكتاب، وأضاف أن الكتاب يمتاز بطابعه الموضوعي والمنهجي، حيث لم يدخل في التحليلات، ورأى أن الوثائق والمعلومات أتت متطابقة إلى حدّ كبير، ربما بعض الوثائق والمراجع غابت، لكن ما ورد فيه من معلومات هي صحيحة ودقيقة إلى حدٍّ كبير. وقال إن الجماعة ظهرت بشموليتها الجغرافية والنشاط المتعدد الذي قلما نشهده عند باقي الحركات والجمعيّات.
وكانت مداخلة للأستاذ إبراهيم المصري، الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية، حيث حثَّ من خلالها على قراءة الجزأين الأول والثاني من الكتاب للاطلاع أكثر على تاريخ الجماعة، وقال إن الكتاب ذو قيمة علمية تاريخية كبيرة، بالرغم من أن الكتاب لم يستطع تغطية عمل جميع الإخوان الذي عملوا في الجماعة. وقد ركّز الكتاب على العمل السياسي والإعلامي والعسكري، وبقيت الساحة التربوية بعيدة عن الأضواء لذا سقطت أسماء كثيرة. كما قدّم المصري الشكر لمركز الزيتونة على المجهود المبذول في إعداد الكتاب.
وختم الدكتور محسن صالح الندوة بالقول إن الجماعة الإسلامية انسجمت مع هوتيها العربية والإسلامية وخاضت معادلةً صعبةً في بيئة معقدة أمنياً، وطائفياً، وسياسياً، ونجحت في الخروج من حقل الألغام بأقل الخسائر. كما امتاز أداء الجماعة السياسي والمقاوم بالتناغم والانسجام مع إخوانهم الفلسطينيين، فالهمُّ الفلسطيني كان موجوداً دائماً في عمل وأجندة الجماعة. كما اعتبر أن الجماعة قدمت فكراً نيّراً متقدماً ومدرسةً في الأداء السياسي، تقدمت فيه على غيرها من الحركات الإسلامية.