مسؤولية!

الإثنين 18 كانون الأول 2017

Depositphotos_3381924_original

للأسبوع الثاني على التوالي ما زالت مدينة القدس تتصدّر مشهد الاهتمامات العربية والدولية بعد القرار الامريكي العدواني الذي اعترف بها عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي. فتواصلت المواجهات البطولية للشعب الفلسطيني مع قوات الاحتلال في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وقدّم الشعب الفلسطيني مزيداً من التضحيات من خيرة شبّانه فداءً للقدس وللقضية الفلسطينية، فيما ظل الحراك الشعبي العربي والاسلامي مستمراً في العديد من المدن والعواصم العربية والاسلامية، بينما انعقدت قمة اسلامية في مدينة استنبول التركية بدعوة من رئيس الدورة الحالية لمنظمة التعاون الاسلامي، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقد ناقش القادة القرار الأمريكي وخرجوا بقرار يدعو الى اعتماد القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.  صحيح أن نتائج القمة لم تكن في مستوى طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني،  ولا حتى الشعوب العربية والاسلامية، ولكن هي أفضل حالاً من سياسة الصمت المطبق التي مارسته بعض الدول العربية في ملف القدس، حتى أنها خفّضت مستوى تمثيلها بالمشاركة في القمة، وهي وضعية تعكس حالة الضعف والتردي والانقسام وغياب الاولويات في سياسة بعض الدول العربية ، وهو ما يسمح للولايات المتحدة والكيان الصهيوني بالاقدام على مثل تلك الاجراءات التي حصلت. ولكن يبقى الأمل أولاً وأخيراً بالله، ومن ثم بالشعوب التي لم ولن تنسى القدس ولا القضية الفلسطينية، وقد تابع العالم تفاعل هذه الشعوب مع القدس على الرغم من المعاناة التي يعيشها في أقطاره، ولعل مشهد الجامعات المصرية كان معبّراً حيث خرج الطلاب بالآلاف للتظاهر من أجل القدس على الرغم من حالة الوارئ المفروضة في البلاد. كما ويحضرنا هنا الكلمة المؤثرة والشجاعة والمسؤولة لمرشد جماعة الاخوان الدكتور محمد بديع من المحكمة، عندما طالب النظام المصري بترك الاخوان ليقوموا بدورهم وواجبهم في حماية القدس، وبعد ذلك ليعيدهم الى محابسهم ومحاكمهم.
أما في محلياتنا اللبنانية، وبعد عودة الهدوء والاستقرار الى المشهد الداخلي بعد عودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته، فإن الاهتمامات من الان وصاعداً ستكون منصبّة بشكل كبير على موضوع الانتخابات النيابية المقبلة المقررة في شهر أيار من العام 2018، والتي ستجري وفق القانون الجديد كما بات معروفاً.
لقد بات اهتمام أغلب القوى السياسية ينصرف الى هذه الانتخابات ترشيحاً وتحالفاً وانتخاباً. والمعيار الذي تستخدمه معظم القوى السياسية هو حفاظها على موقعها ودورها في ظل القانون الجديد الذي اعتمد النسبية مع الصوت التفضيلي، وهي لأجل ذلك ستعقد تحالفات انتخابية قد لا تكون سياسية، لأنها تدرك حاجتها الى بعضها البعض.
إن الاسلاميين في لبنان، وهم مكوّن رئيس وله حضوره الفاعل ودوره القوي، يجب أن لا يفرّطوا بقدرتهم وقوتهم، بموازاة عدم تفريطهم بوحدتهم وتضامنهم. إنهم مدعوون للعمل معاً من أجل تأكيد حضورهم ودورهم في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الاسلام كدين والمسلمين كأمة. وهذا بالطبع قد يستدعي مرونة منهم حيال بعضهم البعض وحيال أطراف أخرى شركاء في الوطن، وعلى قاعدة حاجة كل طرف الى الآخر، ولذلك يجب أن يوطّنوا أنفسهم على ذلك تمهيداً لخوض هذا الاستحقاق بكل جدارة ومسؤولية يحتاجهااللبنانيون على السواء.
المكتب الإعلامي المركزي