النأي بالنفس.. بين الضمانات والالتزامات!

الإثنين 4 كانون الأول 2017

Depositphotos_3381924_original


 يتطلع اللبنانيون مع بداية الاسبوع الى الجلسة الحكومية المنتظرة خلال أيام، والتي من المفترض أنها ستتبنى إقرار صيغة لتعريف "النأي بالنفس" تلزم كل المكوّنات التي تتمثل في الحكومة، وعليها ينهي الرئيس سعد الحريري حالة التريث ويعود عن استقالته الى ممارسة دوره كرئيس للحكومة، وتستعيد الحكومة أيضاً دورها لتعود الى اجتماعاتها وإدارة شؤون البلاد والعباد وكأن شيئاً لم يكن.
شيء مهمّ أن يجري تفسير النأي بالنفس، مع أنه في حقيقته وجوهره لا يحتاج الى تفسير، وقديماً قيل "هناك أشياء تفسيرها منها وفيها". ولعل هذه العبارة من هذه الأشياء، ولكن حسناً أن يتم تأكيد المؤكد وتوضيح الواضح.
لكن السؤال الأهم في هذا السياق هو عن الضمانات؟ ما هي الضمانات التي ستقدّم في موضوع الالتزام بالنأي بالنفس في الشؤون العربية؟ ومن الضامن لتلك الضمانات؟ وما هي الاجراءات التي يمكن أن تتخذ بحق من يخرق هذه السياسة؟ والسؤال الأهم من ذلك هل ستعيد هذه السياسة سيادة الدولة على قرارها الوطني؟ وهل ستعيد ثقة اللبنانيين بالدولة ومؤسساتها؟!
كل هذه الأسئلة مشروعة عند اللبنانيين، لأنهم لم يعودوا يثقون بأي شيء ما لم يلمسوه لمس اليد في كل الشؤون السياسية التي تجري في البلد، لأنهم خبروا عن قرب قرارات الحوار الوطني في ساحة النجمة وعين التينة وقصر بعبدا كيف كانت أشبه بأصنام من تمر يلجأ أصحابها الى أكلها عند أول محطة يشعرون فيها بــ "الجوع".
لبنان بحاجة الى إعادة تفعيل المؤسسات وفق القانون والدستور والصلاحيات، لبنان بحاجة الى تقديم مصالح أهله على مصالح المحاور التي يمكن أن تبيع كل شيء عند أول محطة تشعر فيها بالاستهداف. لبنان بحاجة الى تغليب منطق الشراكة الحقيقية لا منطق الغالب والمغلوب. الغالب اليوم قد يكون مغلوباً غداً، والمغلوب اليوم قد يصبح غالباً غداً، ولكن البلد في كلا الحالتين يدفع الأثمان من نموّه واستقراره وإفادته من فرص التطور وإنهاء حالات الفقر والجهل والتخلف والمديونية والفساد.
هل ستملك الاطراف المعنيّة تقديم الضمانات اللازمة، والالتزام بالتعهدات المقدّمة؟ إذا قررت تقديم المصلحة الوطنية والشراكة الحقيقية فإنها ستكون قادرة بكل تأكيد، أما إذا تقرر غير ذلك ، فإن قرار الحكومة بتفسير النأي بالنفس سيبل بالماء ويشربه الوزراء عند أول منعطف تشعر به قوى إقليمية بأن مصالحها مهددة. ونأمل أن يكون اللبنانيون قد وعوا الدرس الأخير الذي شكل صدمة للجميع. فالبلد ليس في وضع عادي و تقليدي.. نحن على أعتاب انتخابات نيابية.. وقانون الانتخاب لم يحسم بعد. وقد ينشب الخلاف حول اي من بنوده، من البطاقة البيومترية الى الصوت التفضيلي.. الى صلاحيتة الحكومة للاشراف على الانتخابات. كما أن علينا ادراك أن جارتنا الكبرى (سوريا) على مشارف حل سياسي، قد يأتي بنظام أو يذهب بالقطر السوري المجاور الى المجهول.


المكتب الاعلامي المركزي