تريّث ومشاورات !

الإثنين 27 تشرين الثاني 2017

Depositphotos_3381924_original

 

يطلق رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم حملة مشاورات في القصر الجمهوري مع القوى السياسية الممثلة في الحكومة، إضافة الى قوى سياسية أخرى وبشكل ثنائي تستهدف استكشاف مواقف القوى السياسية وتصوراتها لشكل النأي بالنفس الذي يمكن أن تمارسه الحكومة عن أحداث ومشاكل المنطقة، وذلك لاستيعاب مفاعيل الاستقالة التي تقدم بها رئيس اللحكومة سعد الحريري  من الرياض في الرابع من تشرين الثاني الجاري، والتي تريث في تقديمها خطياً بناءً لطلب رئيس الجمهورية ووعده بإدارة حوار أو مشاورات حول أسباب الاستقالة، وفي مقدمها التدخلات في شؤون وقضايا المنطقة.
ولعل من المفيد القول إن الريث في المضي بالاستقالة أمر فيه فائدة ويفتح النفقاش على جملة أسباب وأزمات تحتاج الى أجوبة وحلول. وليس الهدف منها إدخال البلد في فوضى جديدة أو أزمات أكثر حدّة يمكن أن تجهز على ما تبقّى من استقرار أو أمن أو حتى وطن. وطالما أن الطرف المعني قدّم إشارات ايجابية يمكن أن تشكّل مدخلاً لتصحيح "الخلل" القائم، فلا ضير في التريّث والحوار لتثبيت ما يوفّر مصالح البلد ويجعله بمنأى عن الرياح العاتية التي تهب على المنطقة.
وهذا بالتأكيد يحتاج الى التزامات واضحة وصريحة من الاطراف المعنيّة، لا الى شراء وقت جديد ومن ثم الدخول في أتون أزمة جديدة، إذ لا فائدة من هذه السياسة التي لا تلحق بأصحابها سوى  بالمزيد من الخسائر، وبالطبع تلحق بالوطن الأضرار البالغة. لذا فإن المواضيع المطروحة تحتاج الى إجابات صريحة وواضحة، فضلاً عن النوايا السليمة التي تعيد الثقة الى الوطن ومؤسساته وحتى مكوّناته.
أما المشاورات التي يعتزم رئيس الجمهورية إطلاقها من أجل الوصول الى نقاط محددة وواضحة تجيب عن الأسئلة المطروحة، والمتعلقة بالنأي بالنفس والسلاح وممارسة الدور والصلاحيات، فإنها مطلوبة وجيدة، ولكنها بصراحة تحتاج الى الجديّة التي تنهي حالة اللامبالاة والتسيّب القائمة، فلا يعود في البلد من هم فوق القانون ومن هم تحت القانون، ولا يكون هناك تمييز بين مواطن وآخر، ولا بين قوة سياسية وأخرى، ولا بين مكوّن أساسي غيره.
ثم إن هذه المشاورات المقدّرة تصبح أكثر قيمة وأهمية عندما تشمل كل القوى السياسية العاملة في لبنان، والتي تؤكد على بناء الدولة ودورها. فضلاً عن أنها ستكون أكثر قدرة على انتاج الحل إذا ما تحّول الى حوار جدي يشترك فيه الجميع وينطلق مما توصلت اليه الحوارات السابقة في ساحة النجمة وعين التينة وقصر بعبدا، إذ لا يمكن أو لا يجوز الانطلاق من الفراغ، وإلا فإن المشاورات ستكون تمريراً لمزيد من الوقت بانتظار جلاء تسويات المنطقة، التي قد يكون بعضها على حسابنا في لبنان والسلام.

المكتب الإعلامي المركزي