دولة المساواة!

الإثنين 10 تشرين الأول 2016

Depositphotos_3381924_original

تفاعلت نهاية الاسبوع الفائت قضية مفتي راشيا – البقاع الغربي السابق الشيخ بسام الطراس بعد أن قامت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي باستدعائه لتسليمه هاتفه الذي كان مصادراً في المحكمة العسكرية، ثم قامت بتوقيفه تحت عنوان "الاشتباه الأمني". وبعد يومين من التوقيف والتحقيق قامت دورية من الشعبة بمداهمة منزله بالطريق الجديدة في بيروت، وأجرت تفتيشاً للمنزل، كما أوقفت لساعات نجل الطراس دون معرفة الاسباب الحقيقية لهذا التوقيف. وقد كان ذلك كفيلاً بإشعال موجة غضب عارمة عند قطاعات كبيرة من الناس، عبّر عنها موقف ودعوة هيئة علماء المسلمين الى الاعتصام أمام دار الإفتاء في كل من بيروت وصيدا والبقاع،حيث تداعى الناس والعلماء الى هذه الاماكن، وأقاموا اعتصامات عفوية للتعبير عن رفض التوقيف، ورفض سياسة الكيل لمكيالين أمام القضاء والأمن والمؤسسات. ثم لاحقاً جرت اعتصامات في كل من طرابلس وأمام المحكمة العسكرية في بيروت تنديداً بسياسة التوقيف والاشتباه والكيل بمكيالين. وقد جرى اطلاق نجل الطراس ليلة توقيفه دون أن يتم الإعلان عن السبب.
المواقف التي اطلقت خلال التحركات والاعتصامات، سواء من المرجعية الرسمية المتمثلة بسماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، أو من المسؤولين السياسيين الذين شاركوا، أو من علماء هيئة العلماء المسلمين في لبنان، وأكدت جميعها على مرجعية الدولة، وعلى احترام القانون والقضاء، وعلى بناء دولة المؤسسات في لبنان، وعلى حق الأجهزة القضائية والأمنية في القيام بواجبها في إطار القانون، كما أكدت أنها لا تغطي أي مرتكب، إلا أنها في المقابل أكدت أنها ترفض التوقيف على الاشتباه الأمني والتعاطي مع التهديدات الأمنية، والمجموعات المسلحة، وتجاوز هيبة وسيادة الدولة عند تجاوز حدودها للمشاركة في قتال شعب شقيق داخل حدود دولته، وترفض أيضاً الاستقواء على الفقراء والمستضعفين في مناطق، فيما تترك تجار المخدرات وسارقي السيارات وقطاع الطرق في مناطق أخرى. باختصار ترفض سياسة الكيل بمكيالين في هذه الدولة، حتى لا تنزلق الأمور الى الفوضى ونحو الإرهاب في هذا البلد.
في ملف آخر لا يقل أهمية، ما تزال المراوحة سيدة الوقف في الاستحقاق الرئاسي. الحديث عن السلة الكاملة والمطالبة بها جعل المرجعية المسيحية تنتفض معتبرة ذلك نوعاً من الانقضاض على الدستور واسقاطاً لكل الصلاحيات الرئاسية، رافضة أي شروط على رئيس الجمهورية بغض النظر عن اسمه.
وبالفعل فإن الحديث عن سلة شروط تخفي قلق الكثير من المكونات من أن تكون مقدمة أو مدخلاً لما يعرف بالمؤتمر التأسيسي، الذي يجهد البعض من أجل تثبيته كمقدمة للاطاحة بالنظام السياسي القائم. إلا أن ذلك لا يعني أيضاً التسليم بوصول مرشح واحد فقط لرئاسة الجمهورية، لأن ذلك يطيح بالديمقراطية ويشبه الانقلاب العسكري، فضلاً عن أنه يظهر أن فريقاً من اللبنانيين قد تغلب أو فرض شروطه على بقية اللبنانيين، عندما يكون المرشح من فريق دون آخر.
إن المطلوب لإنهاء هذه المراوحة وتالياً الازمات، التوجه نحو نهج وسطي يكون مقبولاً من الاطراف كافة، وذلك من أجل اقامة دولة المؤسسات والمساواة.

المكتب الاعلامي المركزي

10/10/2016