الانتفاضة المتواصلة

الإثنين 11 تشرين الثاني 2019

Depositphotos_3381924_original

دخلت الانتفاضة الشعبية أسبوعها الرابع دون أن تنكفئ أو تتراجع وحافظت على زخمها وقوتها، ونوّعت في أساليب وأشكال التعبير عن مطالبها، وقد انخرطت فيها شرائح جديدة لم تكن حاضرة في بداية انطلاقها , كما حافظت الانتفاضة على انتشارها الجغرافي من بيروت الى كل المناطق اللبنانية، إلا أن كل ذلك لم يفضِ الى اليوم سوى الى الثورة الاصلاحية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي قبل استقالة الحكومة، ثم الى استقالة الحكومة بعدما أيقن الرئيس سعد الحريري أن تلك المسألة مكانها دون أي تقدّم يلحظ سوى استمرار أشكال التعبير بطرق كثيرة وعديدة وهو ما اظهر استمرار الحراك الشعبي والانتفاضة، في مقابل تمسك السلطة والقوى المتمسكة بها بموقفها وعدم التنازل الذي يفضي الى بداية الخروج من الازمة.
في بداية الانتفاضة رفع المتظاهرون سقف المطالب , بحيث نادوا باسقاط النظام ورحيل الطبقة السياسية على اعتبار أنها مسؤولة عن الأزمة. أما الآن فإن مطلب الانتفاضة يتركز بشكل أساسي على تشكيل حكومة تكنوقراط بعيداً عن منطق المحاصصة الحزبية والسياسية. لكن ذلك خلّف حالة من القلق والهواجس عند تلك الطبقة التي اقترحت تشكيل حكومة مختلطة تمّ التعبير عنها بلفظة "تكنوسياسية". وكل السجال والحراك والمباحثات والمفاوضات تجري الآن تحت هذا العنوان أو هذه المسألة.
الجماعة الاسلامية اقترحت مبادرة في الايام الأولى ركّزت على مرحلة انتقالية يتم عبرها اختصار ولاية الرئاسات الثلاث، فضلاً عن مسائل سياسية أخرى كإلغاء الطائفية السياسية. وإقرار قانون انتخاب جديد، وتنفيذ بقية بنود الطائف كتشكيل مجلس شيوخ خارج القيد الطائفي وغيره من مسائل تقع في خانة مكافحة الفساد والهدر والفوضى وخفض العجز وغيره.
ثم دعت الى تشكيل حكومة كفاءات. إلا أن هذه المبادرة أو الاختراقات لم تلقَ تجاوباً من السلطة ولا من الحراك.
على مستوى آخر شكل تأخر رئيس الجمهورية في الدعوة لإجراء استشارات نيابية ملزمة، والحديث عن إجراء مشاورات خارج الدستور للاتفاق على حكومة جديدة قبل تكليف شخصية لتأليفها تجاوزاً للدستور. إلا أن ذلك في الوقت ذاته ترك الأزمة في ملعب رئيس الجمهورية , فالمسؤول الاساسي الآن عن تعمق الأزمة وتمددها أو تطورها دون حل يقع على عاتق الرئيس الذي لم يدعُ بعد الى استشارات نيباية ملزمة لتسمية شخصية تشكل الحكومة.
لبنان الآن امام أزمة خطيرة وعميقة ومتداخلة تحتاج الى حكمة الجميع من أجل الخروج منها، وإلا فإن شعور أي طرف معني بفائض قوة، وتوظيف ذلك في المشهد سيجعل الأمور تختلط من جديد لتنفتح على واقع جديد قد يكون من الصعب التنبؤ بنتائجه.


المكتب الإعلامي المركزي