تصاعد الخطاب العنصري

الإثنين 24 حزيران 2019

Depositphotos_3381924_original

كأن لبنان لا ينقصه في كل هذه الأجواء المتشنجة التي تعيشها وتمرّ بها المنطقة، وفوق ظروفه الاقتصادية والاجتماعية الصعبة إلا إثارة الغرائز والخطابات العنصرية التي تلهب النفوس وتدفع بها نحو مزيد من التخندق والتوتر , في وقت البلد أحوج ما يكون فيه الى مزيد من التعقل والتفاهم والتواصل لقطع الطريق على كل ما من شأنه أن ينزلق بالبلد نحو الفوضى أو الحرب الأهلية.

الأسبوع الماضي برزت في سائل الاعلام مسألة رفض بلدية الحدث في بعبدا، عبر قرارات صادرة عنها، أن يقوم أحد أبناء البلدة ببيع أو إيجار أية شقة سكنية لشخص من طائفة أخرى غير الطائفة التي تنتمي اليها البلدة , وأرفقت ذلك بآليات لمنع إتمام مثل هذه العمليات , ضاربة بعرض الحائط نصوص الدستور والعيش المشترك وسياسة الانفتاح التي يتغنى بها الجميع والمبرر الذي استندت اليه البلدية في قرارها هو في الحفاظ على النسيج الاجتماعي لأبناء البلدة، وحتى لا تقع المشاكل والاشكالات كل فترة بين أبنائها وبين القاطنين فيها على خلفيات لا تعد ولا تحصى.

والحقيقة أن جزئية متواضعة من حيثيات القرار ما يمكن اعتباره مبرراً، فإذا كان من حق أي لبناني أن يسكن حيثما يريد وكيفما يريد إذا لم يكن مخالفاً لقانون معمول به، إلا أن روحية الحفاظ على العيش المشترك والسلم الأهلي والتعاون بين المواطنين تقتضي احترام خصوصيات الآخرين وعدم التجاوز على حرياتهم وحقوقهم , وتلك الخصوصيات بالاستناد تارة الى منطق القوة وتارة أخرى الى جهل بأصول الجيرة واحترام الآخر.

وبالعودة الى القرار الشاذ المخالف لنصوص الدستور والقانون، وهو الذي ظن أصحابه أنهم يعالجون خطأً فإذا بهم يقعون في خطأ بل مخالفة للدستور . وبالعودة الى هذا القرار فإنه يعتبر صدى لخطاب عنصري بدأ يتصاعد شيئاً فشيئاً منذ فترة تحت عناوين متعددة، فتارة تحت إثارة المخاوف والهواجس من اللاجئين والسوريين والفلسطينيين، وتارة من خلال خطاب استعادة أزمان غابرة كان فيها البلد وقراره في يد واحدة لا يشاركه فيه أحد. وتارة عبر إثارة المخاوف من الشركاء تحت عنوان استعادة المواقع المفقودة في الدولة.

إن هذا القرار يعكس بوضوح تلك الذهنية التي تعلي من شأن الخطاب العنصري لتحقيق مصالح آنية إلا أنها لا تدرك ان هذا الخطاب يستفز الشريك الآخر في البلد، وبالتالي يدفع نحو مزيد من الأزمات التي قد تنفجر بالجميع في أية لحظة، وعلى امل أن يعي العقلاء في كل المواقع ذلك.

إقليمياً شكلت وفاة الرئيس المصري الشهيد محمد مرسي، والظروف التي وافقتها منذ لحظة الانقلاب عليه وعزله حتى لحظة استشهاده الحدث الأبرز , حيث عرّت تلك الوفاة هذا العالم الذي يتظاهر بالحرية وحقوق الانسان إلا أنه يتجاوزهما معاً في لحظة المصالح التي أطاحت وتطيح بكل القيم.

المكتب الإعلامي المركزي