لموازنة متوازنة

الإثنين 29 نيسان 2019

Depositphotos_3381924_original

تشرع الحكومة اعتباراً من يوم الثلاثاء 30/4/2019 بدراسة مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2019 بعدما أحال رئيس الحكومة المشروع الى الوزراء لدراسته ومناقشته. وتتزامن هذه الخطوة مع احتجاجات في الشارع.
من المعروف أن حديثاً واسعاﹰ دار في البلد حول تضمين مشروع قانون الموازنة العامة خفض النفقات وزيادة بعض الضرائب بهدف خدمة وتقليص العجز العام، وقد ورد في تلك الأحاديث أن الخفض قد يطال رواتب العاملين في القطاع العام، والمتقاعدين من الأسلاك العسكرية، إضافة الى النواب والوزراء والرؤساء وبنسب مختلفة. وبغض النظر إذا ما كانت الأحاديث صحيحة أو دقيقة أم لا، فإنها أحدثت ضجة في الشارع , إذ اعتبر العاملون في هذا القطاع أن الطبقة الحاكمة تحاول إفقارهم وتستهدفهم باعتبارهم الخاصرة الرخوة، ولذلك شرعوا في التحركات الاحتجاجية على أكثر من مستوى.
الجميع في لبنان يدرك ويعترف أن البلد يعيش أزمة اقتصادية خانقة وصعبة، والجميع يعترف بضرورة اللجوء الى خيارات صعبة من أجل إنقاذ الموقف، ولكن ذلك يحتاج أيضاً الى نوع من إرساء التوازن في اتخاذ القرارات.
ليس من الحكمة أن يصار الى تحميل طبقة معينة كلفة خفض الانفاق، لكن المطلوب قبل التوجه الى أي قطاع من القطاعات بذل كل الجهد الممكن , بل المطلوب لتوفير المداخيل التي تسهم في تغذية المالية العامة، ومن هنا يأتي الحديث عن ضرورة أن تعمد الجهات المعنية الى وقف الهدر بكل انواعه من خلال تفعيل المؤسسات المعنية بذلك , والى ملاحقة المؤسسات التي تتهرب من دفع الضرائب حتى تقوم بواجبها.
والى مكافحة الفساد بشكل جدي وفعّال وليس بشكل ظاهري يبقى الفساد مشرعاً أبوابه كافة. والى تفعيل الجباية في المؤسسات التي تتحمل الدولة أعباء كبيرة عنها. والى تطهير الادارات، كل الادرات من تخمة الموظفين الذين لا حاجة لهم سوى أنهم يكلفون المالية العامة أموالاً إضافية. ثم بعد ذلك يصار الى إتمام عملية خفض الانفاق لتقليص العجز من رواتب بعض الموظفين وفق نسب تنسجم مع تسلسل الرواتب وأحجامها.
إننا بحاجة الى موازنة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار هذه الأمور كافة، وعندها سيكون اللبناني مطمئن الى أن الضريبة التي يدفعها الى مالية الدولة تعود بالخير والنفع عليه وعلى البلاد بالاستقرارا المالي والاقتصادي والسياسي , ولا تذهب الى جيوب الذين يلتهمون المال العام دونما اعتبار لمستقبل البلاد.
إذا شعر اللبنانيون بأن الطبقة الحاكمة تؤدي دورها بمسؤولية لإنقاذ الموقف امام هذا التحدي الاقتصادي فإنهم قد يتحملون التقشف والاعباء، أما إذا لمسوا أن الأمور تتجه اتجاهاً آخر فإنهم قد يجدون أنفسهم امام ثورة مضطرون للانخراط فيها.
المكتب الإعلامي المركزي