خطاب الكراهية

الإثنين 18 آذار 2019

Depositphotos_3381924_original

المجزرة البشعة التي ارتكبها احد الارهابيين بحق مصلّي مسجدين في مدينة "كرايتس تشيرتش" في نيوزيلندا استأثرت بالمتابعة والاهتمام الشعبي على مستوى عالمنا العربي والاسلامي. فالضحايا الشهداء كانوا في المسجد يؤدون صلاة الجمعة، والمجرم الارهابي ارتكب جريمته عن سابق تصوّر وتصميم وتخطيط، بل ونشر تفاصيلها بشكل مباشر على الوصية التي يشرح فيها دوافعه وأسبابه لارتكاب هذا العمل الارهابي المجرم.
من الواضح ان ما كشفه المجرم يؤكد أن أبرز الاسباب التي ساقها للقيام بهذه الجريمة تتمثل بخطاب الكراهية المعتمد في الغرب ضد المهاجرين بشكل عام، والمسلمين منهم بشكل خاص.
لقد كشفت هذه الجريمة حجم التعبئة التي يتعرض لها الانسان العربي بشكل عام والتي تحوّله الى كائن مشبع بحب الانتقام "والثأر"، وتصوّر له المهاجرين او المسلمين في الغرب على أنهم مشاريع تخريب وغزو لتلك البلدان، وهو الخطاب المعتمد سياسياً وإعلامياً وثقافياً واجتماعياً في العديد من البلدان الغربية، والذي يعزز من حضور اليمين المتطرف في أوساط شعوب تلك البلدان، ويحوّل مع الزمن أولئك المتطرفين الى مشاريع ارهاب ترتكب بحق المسلمين المسالمين في تلك البلدان ، وهذا بالطبع ما يدعو حكومات تلك البلدان الى مراجعة خطابها وسياساتها القائمة على كمّ هائل من الاتهامات للمسلمين , أوجدت تلك الحالات في تلك المجتمعات.
إن أخطر ما في هذه العملية البشعة وعلى الرغم من حجم الضحايا، يكمن في كيفية مقاربة المسلمين خاصة في الغرب، لشكل العلاقة مع غيرهم.
قد يكون ذلك في تصوّر وفي اهداف مرتكبي الجريمة، لأن الارهابي قد يكون له شركاء، قد يكون في اهدافهم دفع المسلمين الى القيام بأعمال عنف تكون ردة فعل على هذه الجريمة البشعة، وعندها قد يشكّل ذلك مادة جديدة لذلك اليمين المتطرف لارتكاب المزيد من المجازر، والدخول في دوامة جديدة من الاستهداف المفضي الى القضاء على التواجد الاسلامي في بقاع الأرض.
إن دماء أولئك الشهداء يجب أن لا تفقد أصحابها التعاطف العالمي، بل يجب العمل لاستثمار ذلك في مجالات التعريف بالاسلام والدعوة اليه.
محلياً برز موضوع الحديث عن إسقاط الحكومة من قبل رئيس التيار الوطني الحر رداً على مقاربة ملف اللاجئين السوريين الى لبنان.
إن بناء الاوطان وإصلاح ما تم إفساده في السياسة والامن والقضاء والادارة، وبناء العلاقات الداخلية والخارجية , لا يكون بهذه الذهنية والعقلية التي تذهب الى تعطيل البلد على قاعدة "ما أريكم الا ما أرى".
المنطقة تمر بمرحلة خطرة يجري فيها رسم معالم جديدة، ولبنان بحاجة الى تفاهمات داخلية تجنبه دفع المزيد من الأثمان.


المكتب الإعلامي المركزي