لا للأعراف الجديدة حتى لا تدخل الدستور

الإثنين 29 تشرين الأول 2018

Depositphotos_3381924_original

عاد منسوب التفاؤل الى الارتفاع من جديد في مسألة تشكيل الحكومة، وهذه المرة  يبدو أن الأمور ستصل الى خواتيمها النهائية ، حيث تم فكفكة أغلب العقد التي كانت تحول دون الاتفاق على التشكيل، ولم يبق سوى موافقة القوات اللبنانية على الاقتراح المعروض عليها لناحية الوزارات التي ستشغلها، ويبدو أن القوات تتجه نحو قبول هذا الاقتراح، وهي كما أوردت وسائل الاعلام ستعقد اجتماعاً لكتلتها النيابية اليوم الاثنين لإعطاء الموافقة أو الرفض، وبناء عليه يمكن أن يحمل رئيس الحكومة تشكيلته مساء اليوم أو غداً الثلاثاء الى رئيس الجمهورية لاطلاعه عليها وأخذ موافقته، ومن ثم الذهاب بها الى المجلس النيابي لأخذ ثقته ، إلا إذا جدّ أي جديد في هذا الملف وأعاد عرقلة الأمور، وأعادها الى المربع الأول.
لا شك أن تشكيل الحكومة أمر مهمّ ومطلوب، إلا أن الأمر الأهم والمطلوب الآخر هو في مسائل لا بد من الوقوف عندها ووضع الملاحظات عليها.
أول هذه الملاحظات هو في الخرق الفاضح للدستور من معظم القوى السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، بما في ذلك رئاسة الجمهورية. إذ أن مسألة اختيار الوزراء من اختصاص الرئيس المكلف، وليس من حق أية قوة سياسية أن تفرض على الرئيس المكلف أسماء وزراء للحكومة، وليس من واجبات رئيس الحكومة المكلف أن يقبل عملية الفرض هذه ، إذ أنها حكومته وواجب اختيار الوزارء من اختصاصه، ولا حرج في التشاور مع القوى السياسية كافة في الأسماء وغيرها، ولكن أن ينتظر منهم تسمية الأشخاص للوزارات التي ذهبت الى حصتهم وفق منطق المحاصصة، فهذا تفريط بالصلاحية الممنوحة له بموجب الدستور وتكريس لأعراف دستورية غير مقبولة. فلا بدّ أن تسجّل هذه الملاحظة حتى لا يتحول الأمر الى عرف دستوري عند تشكيل كل حكومة.
أما الملاحظة الأخرى فهي في إعلان كل طرف سياسي لأسماء وزرائه في الحكومة ، حتى قبل أن يطلع رئيس الحكومة المكلف رئيس الجمهورية على التشكيلة ، وهذا أمر فيه مخالفة دستورية أيضاً، ترتبط بشكل وثيق بالملاحظة الأولى، إذ أن الأمر لو كان منوطاً بالرئيس المكلف حصراً، وفقاً لنصوص الدستور، لما تمكنت أي قوة سياسية من إعلاان أسماء وزراء قبل إعلان التشكيلة من القصر الجمهوري بعد توقيع رئيس الجمهورية عليها.
وأما المسألة الأهم من هاتين الملاحظتين، فهي في معالجة الحكومة للمشكلات والأزمات التي يعاني منها البلد. وهنا يأتي السؤال المشروع : هلى ستحوّل هذه القوى السياسية الوزارات التي نالتها الى "مغارات علي بابا" وتجعلها حصراً في الفائدة عليها وعلى محازبيها في ضوء ما شاهدناه من عمليات "تناتش" على الوزارات؟ أم أنها ستلفت الى الازمات والمشكلات وتعمل على حلها وايجاد المخارج لها؟
لقد تم إلهاؤنا ما فيه الكفاية عن قضايانا اليومية والمعيشية بالحديث عن الحكومة والحصص والأحجام والأوزان، يكفينا ذلك، نحن نحتاج بعد اليوم الى عمل جدّي لمكافحة الفساد والفاسدين وليس المعارك الوهمية من أجل الحصول على مقعد هنا أو هناك.
                                                      المكتب الإعلامي المركزي