إصلاحات وصلاحيّات.. !

الإثنين 23 تموز 2018

Depositphotos_3381924_original

تراوح أزمة تأليف الحكومة مكانها دون ان تجد لها حلاً على الرغم من مرور قرابة شهرين على التكليف. لا جديد حتى الآن في مواقف الأطراف السياسية. البعض بتحدث عن عقد داخلية، وهو الظاهر والبارز من الازمة، فيما البعض الآخر يتحدث عن عقد خارجية غير منظورة حتى الساعة، إلا أن المتحسس يمكن أن يلمسها في العقد الداخلية. وتتزامن هذه الأزمة مع وضع اقتصادي صعب يعيشه البلد، ومع محيط اقليمي ملتهب ومحتقن على الرغم من الحديث الدائم عن حل سياسي للأزمة السورية. وبطبيعة الحال فإن هذا التلازم والتزامن بين أزمة تأليف الحكومة والوضع الاقتصادي والمحيط الملتهب يزيد حجم الأزمة تعقيداً على الناس، منذراً بمزيد من الإحباط واليأس الذي قد يدفع في أية لحظة الى ما لا تحمد عقباه.
لا يُعرف على وجه الدقة متى يمكن أن تنفرج هذه الأزمة. الرئيس المكلف سعد الحريري يتحدث دائماً عن قرب ولادة الحكومة، ولكن الأجواء والمواقف السياسية للأطراف المعنيّة لا تنبئ بذلك. فالجميع ما يزال يتمسك بموقفه ومطلبه وشروطه، وهذا يبقي الأمور على حالها.
أخطر ما في هذه الأزمة حالياً هو في حديث البعض عن تجاوز الدستور والقفز فوق الصلاحيات تحت عنوان الاصلاح أو بذريعة الوضع الاقتصادي وتأثيرات الوضع الاقليمي على الداخل اللبناني، ومن هنا بدأ البعض يلمّح الى وضع سقف زمني لعملية التأليف، متجاهلاً الأطراف السياسية التي تعرقل الولادة أو تضع العصي في دواليب المساعي والاتصالات بهدف الاستئثار بالسلطة من جديد، وإحكام الهيمنة على قرار البلد. فكيف يمكن أن تستقيم هاتان المسألتان مع بعضهما البعض؟ المطالبة بوضع سقف زمني لعملية التأليف من ناحية، وعرقلة مساعي التأليف من ناحية أخرى؟! إنها بكل بساطة محاولة لإضعاف الرئيس المكلف، وموقع الرئاسة الذي يمثله، وهذا بالطبع أمر مخالف للدستور، ولوثيقة الوفاق الوطني، فضلاً عن أنه يعيد البلد الى الأجواء القديمة التي كانت سائدة وأوصلت الى الخروج عن جادة الهدوء والاستقرار على المستويات كافة. إن المنطق السليم للتعجيل بولادة الحكومة، وهو أمر مطلوب وملح، يكون في تسهيل عمل الرئيس المكلف، وعدم وضع الشروط التعجيزية أمامه، او محاولة إقصاء أطراف سياسية أخرى عن القيام بدورها وشراكتها في إدارة البلد.
أما الحديث الآخر الذي لا يقل خطورة فهو في التلميحات التي بدأت تظهر في البحث عن مخرج أو "خديعة" لنزع التفويض الذي منحه النواب في استشاراتهم الملزمة للرئيس المكلف، وهذا الأمر فيما لو حصل يعد انتهاكاً فاضحاً للدستور، وتجاوزاً للصلاحيات، وإطاحة صريحة باتفاق الطائف، في محاولة لتكريس أعراف جديدة قد تطيح البلد من جديد.
لبنان بغنى عن هذه المغامرات في وقت تتجه المنطقة الى صوغ حلول سياسية بالحد الأدنى، والمطلوب اليوم قبل الغد تسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف، وهي مهمة مناطة به حصراً، لتأليف حكومة تجمع كل القوى التي تريد الخير للبنان.
أما الأمر الآخر المهم فهو تزايد الحديث عن عودة طوعية للاجئين السوريين الى بلدهم، وهو مطلب يجمع عليه اللبنايون، إلا أنه لا بدّ من التيقن من أن تكون هذه العودة طوعية فعلاً وحقيقية وليست وليدة الضغوط التي تمارس عليهم دونما اعتبار للتهديدات والمخاطر التي قد تتهدد حياتهم فيما لو كانت العودة قسرية ودون ضمانات حقيقية جادة.

المكتب الإعلامي المركزي