تحديات تشكيل الحكومة
الإثنين 28 أيار 2018
انتهت الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون يوم الخميس الماضي الى تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، بعد أن منح مئة وأحد عشر نائباً ثقتهم للرئيس الحريري لتشكيل الحكومة. وقد بدأ الرئيس الحريري مشوار تشكيل الحكومة حيث قام بالجولة البروتوكولية على رؤساء الحكومات السابقين.
واليوم الاثنين يستكمل الرئيس المكلف استشاراته غير الملزمة مع الكتل النيابية نتائج هذه الاستشارات، لتبدأ بعد ذلك رحلة البحث في الأسماء وتوزيع الحقائب الوزارية.
لقد أكد الرئيس المكلف أنه سيسعى الى التقدم بتشكيلة حكومية متوازنة تعكس الأحجام النيابية، ورفض مبدأ العزل لأية قوة سياسية ممثلة في المجلس النيابي، وبذلك هو سيسعى الى تشكيل حكومة واسعة يصح تسميتها حكومة وحدة وطنية.
إلا أن هناك تحدّيات كثيرة تواجه عملية التشكيل، إذ أن الرئيس المكلف سيصطدم أولاً بشهية القوى السياسية على التوزير، أو بالأحرى على أخذ وزارات "دسمة" من ضمن منطق ومبدأ المحاصصة، وهنا يأتي تصنيف الوزارات بين سيادي وخدماتي وعادي، وهي ستكون معركة شرسة على أكتاف هذه الوزارات، وبالتالي ستشكل هذه العملية في توزيع الوزارات وإقناع الأطراف تحدياً ليس سهلاً أمام الرئيس المكلف، إلا أن بإمكانه ومقدوره تجاوز هذا التحدي، والوصول الىى صيغة تكون مقبولة من الجميع وإن احتاج ذلك الى بعض الوقت أو كثيره.
التحدي الأبرز الذي لا يقل أهمية، هو في الضغوط الخارجية الأمريكية من خلال العقوبات ، والخليجية من خلال قرارات وضع حزب الله على قوائم "الارهاب" على تشكيل الحكومة، خاصة في ظل تمسك الحزب بحضوره في الحكومة من خلال حصة وزارية وازنة، ومن خلال وزارات أساسية سيادية او خدماتية، وهذا سيواجه بذاك الضغط الأمريكي الخليجي، وهنا سيجد الرئيس المكلف نفسه مضطراً الى اقناع حزب الله بعدم المشاركة في الحكومة بشكل مباشر، بل من خلال أصدقاء أو عبر الواسطة كما جرى في بعض المرات سابقاً، وهذا سيواجه برفض الحزب وبإصراره على التمثل في الحكومة. وإما سيضطر الرئيس المكلف الى إقناع الأطراف الخارجية باستحالة استثناء وعزل قوة سياسية ممثلة في المجلس النيابي بكتلة وازنة. خاصة إذا كانت حزب الله، لأن من شأن ذلك تهديد استقرار البلد، وبالتالي القبول بوجوده من ضمن وزارات غير أساسية كما هو قائم حالياً في حكومة تصريف الأعمال. وقد يكون ذلك نقطة تقاطع تشترك فيها الأطراف كافة، ويمكن أن تتولد عندها جميعاً قناعة ورغبة بذلك، ولكن قد يحتاج ذلك الى بعض الوقت.
يبقى الشيء الأهم الذي يجب التركيز عليه، وهو دور رئيس المكلف في تشكيل الحكومة، فهذه من الصلاحيات الحصرية التي منحها الدستور لهذا المنصب، فلا ينبغي التفريط بهذه الصلاحيات، أو التنازل عنها لأي جهة مهما كانت، لأن من شأن ذلك إنشاء أعراف جديدة في البلد تتحول مع الزمن الى أعراف دستورية تنتقص من صلاحيات الرئاسة الثالثة، في بلد قائم على توزيع الصلاحيات بين السلطات من ناحية، وبين مكوناته المجتمعية من ناحية أخرى.
المكتب الإعلامي المركزي