الأمين العام للجماعة الإسلامية لـ"المدن": مبادرة لتوحيد الساحة السنية

الأربعاء 5 نيسان 2017

Depositphotos_3381924_original

 

ربما هي المرحلة الأبرز اليوم التي تمر فيها الجماعة الإسلامية لناحية شعبيتها في الشارع السني اللبناني. إذ استطاعت الحركة تضييق الفجوة إلى حد كبير مع الزعيم غير المنازع عند السنة، أي تيار المستقبل، لتنفرد بـ"الوصافة" السنية بعد فترة من التراجع.


والحال أن الجماعة، الذراع اللبنانية لحركة الإخوان المسلمين، قد تنفست الصعداء خلال مرحلة الربيع العربي مع صعود الإخوان، التي انتزعت موقعاً أساسياً في قلب الأحداث في بلدان عربية عدة.

ومن البديهي أن تنتعش آمال فرع الإخوان في لبنان، خصوصاً مع صعود إخوانهم في سوريا. لكن كان من الطبيعي أن يصطدم هؤلاء بالمشهد اللبناني الطائفي المعقد، ناهيك بالمنافسة الشديدة في الواقع السني نفسه.

يقارب الأمين العام للجماعة الأستاذ عزام الأيوبي، بكثير من الواقعية، المشهد العام في المنطقة، ليتواضع في آماله في إحداث خرق بارز لحركة الإخوان في المنطقة. وهو أمر يسقط نفسه بالضرورة على وضع الجماعة في لبنان. وهو يعير اهتمامه الأكبر إلى الوضع العام في المنطقة، ليقينه أن اللاعبين اللبنانيين قاصرون عن رسم مصيرهم بأيديهم. لذا، فالأنظار تتجه نحو سوريا والعراق واليمن.. بل إلى أبعد من ذلك، إلى اللاعبين الدوليين الكبار كروسيا والولايات المتحدة الأميركية.

إنطلاقاً من ذلك، يأتي حديثه عن الأزمة السياسية في لبنان "التي تعيش فترة انتظار"، في الوقت الذي يحاول فيه كل فريق تحصيل أكبر قدر من المكاسب حتى انجلاء الوضع السوري. بالنسبة إلى الأيوبي، "إننا أمام أكثر من تمديد من دون أن يعني هذا أننا لن نكون أمام احتمال هزة ما" في البلاد "قد يقوم بها فريق حزب الله"، مع ترجيح الأيوبي عدم لجوء الحزب إلى ذلك، كون مصلحته لا تقتضي ذلك.

هي مرحلة انتظار إذاً، مع تأكيد الأمين العام للجماعة أن لا إمكانية، حتى مع جلاء الوضع الاقليمي، لفرض أي طرف لبناني الحل الذي يريد. فـ"نحن محكومون بالتسوية.. وسنظل". وهو يلمح بذلك إلى أن العلاقة مع حزب الله محكومة بالتسوية. لكنه يشير إلى أن العلاقة الرسمية معه مقطوعة في الوقت الحالي، مع وجود قنوات اتصال ولقاءات غير رسمية، رغم تأكيده أن الحوار مع الحزب لا يجب أن يقطع. ذلك أن الاتصال بينهما يعد بالغ الأهمية على الصعيد السني- الشيعي في لبنان، في ظل الواقع المتوتر والدموي في المنطقة. ويؤكد أن الجماعة تحترم الدور المقاوم لحزب الله، مع معارضتها الدائمة للسلاح المتفلت. وهي لن تتوانى عن دعم الحزب في مواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل على لبنان، "إذ إن إسرائيل تبقى هي عدونا الأول حسب فقه الأولويات".

وتنطلق الحركة في رؤيتها اللبنانية من واقع كونها تمثل الإسلام المعتدل الذي يتحمل مسؤولية التصدي لقضايا المسلمين السنة "الذين يشعرون بالغبن والظلم". عليه، يعلن الأيوبي إطلاق مبادرة لتوحيد البيت السني. وهي مبادرة تبدو القوى السنية كافة في لبنان مدعوة إليها، وفي مقدّمها تيار المستقبل، في مواجهة مشاريع طائفية أخرى تمكنت من صوغ وحدتها في الوقت الذي عانت فيه الساحة السنية من الانقسام، "وهو أمر معيب".

الجماعة والمستقبل
بالحديث عن العلاقة مع المستقبل، يشير الأيوبي بمرارة إلى "الفوقية" التي تعاطى بها التيار مع الجماعة، باعتبار زعيمه الرئيس سعد الحريري، خصوصاً خلال وجوده في الخارج، أن تياره يجب أن ينفرد بالساحة السنية في لبنان.

وقد عانت الجماعة على الدوام خلال مفاوضاتها الانتخابية مع الحريري، ولم تحصل الحركة على أكثر من مقعد نيابي واحد في بيروت بعدما وعدها الحريري بأكثر من ذلك. فاستقر عماد الحوت نائباً في بيروت، يشير البعض إلى أنه سيستمر مرشحاً للحركة في العاصمة خلال الانتخابات المقبلة. وإن كان الأيوبي لا يحبذ الحديث عن تحالفات انتخابية قبل تحديد ماهية قانون الانتخاب المقبل.

أما اليوم، فيبدو أن المستقبل يقارب العلاقة مع الجماعة من منظور آخر. ويشير الأيوبي إلى أن من واجب القوى السنية كافة تجميع جهودها لمواجهة التحديات المشتركة. ولعله يعبر عن قلق كامن لدى حركته من سحب تيارات سلفية، رفعت شعارات براقة وجذابة بالنسبة إلى أبناء الطائفة، البساط من تحت أقدام الجماعة. وربما استفادت الجماعة من واقع أن القوى السلفية قد افتقدت للمشروع كما للاستمرارية، فكانت عاجزة عن الصمود بوجه المصاعب.

وترفض الجماعة بشدة المشاريع التكفيرية في المنطقة. وترى أن لاعبين كباراً قد وظفوا تلك المشاريع لضرب الأمة الإسلامية من الداخل. وتؤكد الحركة أن من واجبها مواجهة التكفير ومن يقف وراءه كونه "يشكل الخطر الأكبر على الأمة".

علاقة فاترة مع إيران
لا تخفي الجماعة خشيتها من "المشروع الإيراني في المنطقة الذي يستغل الفراغ الحاصل في البلدان العربية التي لا تملك مشاريع مقابلة..". وتبدو العلاقة مع طهران "فاترة" وتكاد تكون مقطوعة "بعد سقوط الشعارات الإيرانية السابقة"، وفق الأيوبي. وهو يأسف للاستنزاف الحاصل في المشاريع العربية المقابلة. فالسعودية تُستنزف في اليمن في الوقت الذي تواجه تركيا مشاكل كبيرة في المنطقة ومع أوروبا.. في الوقت الذي تبرز فيه إيران في المقابل، ولعل الميدان السوري يشكل الدليل الأكبر على ذلك.

وبالحديث عن سوريا، لا يبدو الأيوبي متفائلاً بقرب التوصل إلى الحل. "وبعد آمال كبرى لدينا مع بداية الثورة السورية، نعترف أن النظام السوري نجح في تحويل الثورة إلى المسار الذي يخدمه، مثلما نجح في تحويل أنظار الرأي العام العالمي والعربي إلى الخطر الإسلامي. وهو الأمر الذي تحبذه القوى العالمية لأنها لا تريد رؤية أي مشاريع إسلامية في سوريا التي تعتبر بوابة فلسطين".

على أن الأيوبي لا يبدو فاقداً للأمل، "ونحن مازلنا نأمل أن الشعوب ستنتصر في النهاية". إلا أن واقعية الجماعة تدفعها إلى التسليم بحلول سورية مرحلية.. إلى حين.

استيعاب الشباب
لا ينفي الأيوبي ما حكي عن تململ شبابي داخل أوساط الحركة، علماً أن هذا التململ ارتبط بالاعتراض على مجمل القيادة السابقة للجماعة، وعدم فسح المجال أمام الشباب لأخذ دوره. ويربط الأيوبي الأمر بالتململ من الواقع العام للسنة في لبنان كونه يشكل انعكاساً لفئات الشارع السني، التي ترى أن الطائفة مغبونة.

ويشير إلى أن الجماعة تقوم بعملية إعادة هيكلة ستظهر في المؤتمر العام للحركة في 14 أيار المقبل. في هذا المؤتمر، سيتم تقديم رؤية جديدة وقواعد أخرى للعمل في ظل نظام داخلي جديد.

عمار نعمة - المدن

http://www.almodon.com/politics/2017/4/5/الأيوبي-لـ-المدن-مبادرة-لتوحيد-الساحة-السنية