لحظة القرار في الموازنة
الإثنين 13 أيار 2019
على مدى جلسات عديدة وماراتونية، ناقشت الحكومة مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2019 بهدف خفض العجز والانفاق ولكن دون الوصول الى نتائج وقرارات ملموسة حتى الساعة. كل النقاش كان يدور حتى الأمس في المواضيع غير ذات الجدوى، ولم تقارب بشكل فعلي الملفات الساخنة.
الحكومة اليوم أمام لحظة القرار والتحدي والاختيار. هي أمام مسؤولية اقرار موازنة متوازنة تقنع الدول التي وافقت على مساعدة لبنان من خلال منحه بعض القروض الميسرة أو الودائع البنكية، لكنها اشترطت أن يتزامن ذلك مع موازنة تحدث نوعاً من الاصلاحات في الادارة والسياسة والاقتصاد. الحكومة باتت في ظل التحديات وفي ظل تحركات الشارع امام لحظة اتخاذ قرار توازن فيه بين كل هذه الامور، وبات من غير المقبول أن يتم تحميل الطبقات الفقيرة والشعبية والموظفين تبعات خفض الانفاق من خلال تقليص حجم التقديمات، بل المطلوب أولاً العمل الجدي على مكافحة الفساد في أغلب الادارات، ووضع حد للهدر في مصاريف والوزارات وحتى الرئاسات. وكذلك منع التهرب الضريبي، والجميع يعرف في البلد كيف تعمل "عصابات" على تهريب الكثير من البضائع عبر المطار والمرفأ والحدود دون دفع المستحقات الضريبية عنها. وكذلك مسألة تسوية قضية الأملاك البحرية وما الى ذلك ، قبل التوجه الى الرواتب والتقديمات.
الحكومة ومن فيها اليوم امام هذه المسؤولية لانقاذ البلد، ولا يكفي أن يجري الحديث عن خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب، وإن كان هذا مطلوباً، ولكن المطلوب أيضاً تفعيل مؤسسات الرقابة حتى لا يصار الى تعويض أي خفض من الرواتب عير الطرق غير المشروعة وما أكثرها في لبنان.
على المستوى الاقليمي هناك لحظة قرار أيضاً تنتظر المنطقة، فالتهديدات الامريكية لايران بلغت مستوى لم تبلغه من قبل حتى أنها وصلت الى التلويح بالحرب من خلال الحديث عن حشود عسكرية في منطقة الخليج.
وفي المقابل فإن رد ايران على التهديدات الأمريكية لم ينتظر التطورات، فإيران أكدت مراراً أنها جاهزة للرد على أي تصعيد أمريكي ، ولوّحت أكثر من مرة باغلاق مضيق هرمز ومنع تصدير النفط منه الى العالم، وهذا بحد ذاته يعتبر تصعيداً خطيراً قد يقود المنطقة في ظل إدارة دونالد ترامب الى حرب مفتوحة.
أي قرار ينتظر المنطقة في ضوء هذه التطورات الآخذة بالتصاعد. هل تنزلق الى مواجهة مفتوحة أم تفتح باباً جديداً للحوار والحل السياسي الذي إن حصل فسيكون له أثمانه وتداعياته الكثيرة.
يبقى المهم في ظل هذه التطورات، وفي لحظات اتخاذ القرارات المحلية أو الاقليمية أن يفهم المرء ما يجري حوله ليبني على الشيء مقتضاه.
المكتب الإعلامي المركزي