إنتظار !

الإثنين 19 تشرين الثاني 2018

Depositphotos_3381924_original

لا يبدو ان العقدة المستجدة التي حالت دون اعلان تشكيل الحكومة، عقدة توزير أحد النواب السنّة الستة في طريقها الى الحل. فكل طرف متمسك بموقفه، ليس لأن عقدة التمثيل هي السبب الرئيسي، فلو كانت كذلك لأمكن ايجاد أكثر من حل لها. ولكن لأن العقدة الحقيقية المخفية  هي في عملية التحدي وفرض الإرادة للقول : أنا هنا، وما من إرادة فوق ارادتي. هي مسألة الإملاء والإخضاع، هي مسألة تفريغ النص الدستوري الناظم لعملية التشكيل من محتواه، وتكريس عرف جديد يكون اقوى من النص بما يكرّس حالة "الفرض" عبره لا عبر شيء آخر. وهنا تأتي حالة الانتظار أو معركة عض الأصابع. "من يقول آه أولا". فيما البلد يغرق في الأزمات الحياتية والاقتصادية والمعيشية، يتمدد فيه الفساد والفوضى، ويتعامل فيه كل مسؤول كأنما هو في مزرعة يتصرف فيها كيفما أراد. البلد ينهار أمام أعيننا وبين أيدينا، ونحن لا نملك سوى الانتظار. بعضنا ينتظر انكسار الشريك حتى يعلن انتصاره عليه، وبعضنا الآخر ينتظر رأفة الشريك حتى ينجو  البلد بأقل الخسائر، وشتان ما بين انتظار وانتظار، ولا يبدو أن من يملك بيده قرار الانتظار يريد في هذا البلد سوى الانتصار، وعلى الشريك الذي يعاني من الانهيار.
وعلى قارعة الانتظار الذي بات البلد محكوماً به تتمدد الفوضى ويتوسع الفساد، وتجد المحسوبية أرضها الخصبة، ويأمن المتجاوزون العقاب فيسرحون ويمرحون وينهبون مال الناس من دون حسيب او رقيب , طالما أن الجميع في حالة انتظار.
الأسبوع الماضي فاضت بعض شوارع بيروت بالمياه الآسنة والمجارير , وتم اكتشاف السبب في ذلك، وهو الاسمنت الذي ألقي في بعض المجاري، وبعد كل ذلك تم تسجيل القضية ضد مجهول، مع أن الأخبار تناولت أسماء وجهات كانت السبب في ذلك.
قبلها جرى الحديث عن توظيف وتعاقد في بعض المؤسسات، ثم تمّ اكتشاف أن التعيينات والتوظيفات كانت باتجاه واحد، على الرغم من قرارات تمنع التوظيف.
وكانت الاشكالية الأخرى في حبس الناس في سياراتها لساعات طويلة، وكان السبب هو في التمارين لإحياء ذكرى الاستقلال.
إن الاستقلال الحقيقي هو الذي نخرج فيه من حالة الانتظار الى حالة تقرير مصير البلد عبر تعزيز مؤسساته كافة، والخروج من منطق المحسوبيات والمحاصصات والاصطفافات، وقبل كل ذلك احترام والتزام النصوص الدستورية، وإلا فإن حالة الانتظار قد تكون طويلة، وحساباتها قد لا تتفق أخيراً مع حسابات الذين يفرضونها على اللبنانيين.
المكتب الإعلامي المركزي