عقدة الهيمنة

الإثنين 12 تشرين الثاني 2018

Depositphotos_3381924_original

كان اللبنانيون أن يقولوا في الأسبوع الماضي إن "الفول صار بالمكيول" وإن الحكومة، وبعد طول عناء وانتظار، ستبصر النور بعد أن تم الاتفاق على حل عقدة التمثيل المسيحي بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وعقدة التمثيل الدرزي بين الحزب التقدمي الاشتراكي والرئيس ميشال عون.
إلا أن بروز عقدة تمثيل النواب السنّة المستقلين ، ومطالبتهم بالتمثّل في الحكومة من خلال أحدهم، ورفض حزب الله تسليم أسماء وزرائه المقترحين الى الرئيس المكلف، أعاد خلط الأمور والأوراق، بل واعادها الى المربع الأول حيث تبددت وتلاشت كل أجواء التفاؤل بولادة الحكومة التي كانت سائدة نهاية الشهر الماضي، وقد جاءت كلمة أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، لتؤكد أن قرار الحزب بتسليم أسماء وزرائه مرتبطة بتمثيل هؤلاء النواب السنّة، وأنه مستعد للانتظار ألف سنة قبل أن يتم هذا الأمر. وهكذا بات البلد رهينة هذه العقدة المستجدة بغض النظر عن أحقية التمثيل من عدمه.
إن تشكيل الحكومة هذه المرة، مرّ حتى هذه اللحظة في مخاض عسير وخطير حاول البعض فيه تكريس أعراف جديدة لا تمت الى النصوص الدستورية الناظمة لعملية تشكيل الحكومات بصلة، في مقابل محاولة البعض الآخر الاحتكار الشامل لكل العملية السياسة أو التمثيلية، ضارياً بعرض الحائط كل القيم الدستورية والديمقراطية.
إلا أنه في الآونة الأخيرة، ومع ربط مسألة تشكيل الحكومة بالشروط والشروط المضادة، ومع "الفيتوات" التي وضعت من أكثر من طرف، تولّدت عقدة جديدة لا تقل شأناً وخطراً عن كل العقد السابقة، ألا وهي عقدة الهيمنة على البلد، وعلى قراراته السيادية والادارية وكل ذلك. هي عقدة تشبه الى حد كبير مسألة الانقلاب على الواقع القائم لتكريس واقع جديد يكتب الغلبة لطرف من الأطراف على بقية الأطراف، وهذا أخطر ما في هذه العقدة الجديدة.
الآن بات على الرئيس المكلف أن يعالج هذه الأزمة والعقدة الجديدة بالتكافل والتضامن مع رئيس الجمهورية لقطع الطريق على أية محاولات تعيد الأمور الى المربع الأول، أو تكرس الأعراف الجديدة التي تظهر هيمنة فريق دون فريق آخر، وليتحمل كل طرف مسؤوليته عند ذلك.
المؤسف في هذا البلد، وفي كل العملية التي تجري أن الجميع يقدم المصالح الخاصة والفئوية على حساب المصلحة الوطنية العامة. بعضهم من خلال احتكار التمثيل تحت حجج واهية، وبعضهم تحت عنوان الهيمنة المتلحّفة عنوان الحقوق والواجبات، وما بين هذه وذاك يضيع لبنان وينهار الاقتصاد.

المكتب الإعلامي المركزي