الاستحقاق الحكومي

الإثنين 21 أيار 2018

Depositphotos_3381924_original

ليل الاثنين الثلاثاء تنتهي ولاية المجلس النيابي الذي مدّد لنفسه، فيصبح اعتباراً من يوم غد الثلاثاء( 22 أيار 2018) المجلس السابق. ويبدأ النواب الجدد الذين تغطي نيابيّة الكثير منهم ظلالاً من الشك، ليس قدحاً بهم او انتقاصاً من قدرهم لا سمح الله،  ولكن لأن العملية الانتخابية شابها الكثير من تجاوزات ومخالفات وفضائح، خاصة في عملية الفرز، حيث أظهرت هذه العملية "الشفافة" أن بعض المرشحين لم ينتخبوا أنفسهم، ولم يمنحوا ذاتهم صوتهم التفضيلي، فضلاً عن مئات بل ربما الاف القصص من هذا النوع ، والذي تقددح بنزاهة العملية الانتخابية، وتالياً ترخي بظلال من الشك الكثيف عن صدقية التمثيل، وتالياً صحة نيابة المجلس العتيد المنتخب.
وبعيداً عن كل ذلك سيشرع هذا المجلس اعتباراً من يوم الثلاثاء في ممارسة دوره المنتظر. سيدعو رئيس السن الى جلسة تعقد يوم الأربعاء لانتخاب رئيس للمجلس ونائب له وهيئة المكتب. بالطبع ليس هناك مرشح للرئاسة سوى "الأستاذ" نبيه بري، فالثنائية الشيعية لم تترك مجالاً لأي تنافس ديمقراطي على الموقع، فقد حصدت كل المقاعد الشيعية، حتى المقعد اليتيم الذي شذّ عن الثنائية عاد والتحق بها. وعليه ليس هناك معركة على رئاسة المجلس، لعل بيروت ترتاح هذه المرة من اطلاق الرصاص "ابتهاجاً".
المعركة المجلسية تدور الان على نيابة الرئيس، هناك أكثر من مرشح، المشكلة أن مرشحين ينتميان الى تكتل لبنان القوي، فيما يمكن ان ينافس أحدهما مرشح القوات اللبنانية، أو بكلام مجلسي مرشح تكتل الجمهورية القوية.
تكتل لبنان القوي لم يحسم بعد موقفه بين ايلي الفرزلي الذي يفضله الرئيس بري، وبين الياس بو صعب المفضل عند كثيرين في التكتل، أما تكتل الجمهورية القوية فلم يكشف بعد ما إذا كان سيرشح أحد نوابه لنيابة رئاسة المجلس.
المعركة الأساسية هي في تشكيل الحكومة. إذ أن الاستحقاق الذي يلي انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه وهيئة مكتب المجلس، سيكون محل الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية وفقاً للنص الدستوري.
طبعاً الأجواء النيابية توحي وتشير لى أن الشخصية التي ستكلف تشكيل الحكومة وفقاً لتوجهات الكتل النيابية هو الرئيس سعد الحريري. فهو رئيس كتلة كبيرة في المجلس تكاد تكون أكبر الكتل، وهو مدعوم من أكثر من كتلة نيابية، فضلاً عن أنه عقد صفقة في وقت مبكر مع رئيس الجمهورية عندما كان رئيساً للتيار الوطني الحر وتكتل التغيير والاصلاح، توصي بتسميته لرئاسة الحكومة، وكذلك فإن كتلا نيابية منافسة في السياسة لا تمانع عودة الحريري الى رئاستها.
إلا أن الأصعب من التسمية هو موضوع تشكيل الحكومة، الشخصية المكلفة ستكون محكومة بعدة اعتبارات. أولها تلبية مطالب الكتل النيابية وإقامة نوع من التوازن بينها. ثم هناك مسألة الالتفات الى المطالب الدولية والعربية من لبنان، إذ لا يمكن تجاهل السياسات العربية والدولية ، لا سيما مسألة العقوبات الأمريكية على حزب الله، ووضع بعض الدول العربية الحزب على قائمة الارهاب وهذا سيجعل الشخصية المكلفة خاصة اذا كان الحريري، أمام تحدّ ليس سهلاً ولا بسيطاً، وبالتالي كيف يمكن أن يوائم بين كل هذه الأمور، فضلاً عن إقناع ساحته التي يمثلها ويتصدّر المنصب باسمها أنه لم يقدّم تنازلات كبيرة، خاصة أنه محل اتهام عند هذه الساحة ليس بالتنازل عن مكتسباتها فقط، إنما أيضاً بالتفريط يبحقوقها.كل ذلك سيجعل تشكيل الحكومة أمراً ليس سهلاً أو بسيطاً، وقد يأخذ وقتاً كبيراً قياساً بما يتمناه البعض، وتوازياً وعليه فإن المرحلة المقبلة هي مرحلة الاستحقاق الحكومي التي لن تكون أقل أهمية وشأناً من الاستحقاق النيابي في نتائجها وتداعياتها.!

المكتب الإعلامي المركزي