حقائب وحقائق!

الإثنين 28 تشرين الثاني 2016

Depositphotos_3381924_original

قرابة ثلاثة أسابيع مرّت على تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة ولم تتشكل الى الآن، على الرغم من المساعي المبذولة، والاتصالات المستمرة والمتواصلة، ومحاولات تدوير الزوايا بين الأطراف السياسية المعنيّة.
صحيح أن الفترة التي مرّت الى الآن، وقياساً على الفترات التي احتاجتها ولادة الحكومات السابقة ليست طويلة، ولكن الوضع في لبنان واقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابيةـ، ووجود رئيس جمهورية جديد، كل ذلك جعل اللبنانيين يأملون ولادة الحكومة خلال وقت قصير وسريع. فهل القصة لها علاقة كما يجري الحديث عنه بالحقائب، أم بشيء آخر غير معلن؟
الظاهر من الأمر أن الصراع أو التنافس الذي يعيق ويؤخر تشكيل الحكومة هو توزيع الحقائب الوزارية، وحرص الأطراف السياسية على الحصول على "مغانم" وازنة وجيدة من الحصة الوزارية. وقد يكون هذا الأمر صحيحاً، لكنه رأس جبل الجليد أو المطالب المعلنة.
أما بقية جبل المطالب غير المرئي وغير المعلن فهي في قضايا وأمور اخرى.
هناك من يقول إن الطرف أو الأطراف التي أعاقت وأخرت إجراء الاستحقاق الرئاسي لمدة عامين ونصف تقريباً، هي ذاتها التي لا تريد أن يتم تشكيل الحكومة بوقت قصير، لأنها لا تريد أن تنهض بمؤسساتها وتمارس دورها الحقيقي والمطلوب من خلال سيادتها على قرارها وحدودها وقوّتها، ولذلك هي تريد أن تؤخر هذا الأمر لأنه يتناقض مع هدفها ومشروعها العابر للحدود والطامح الى بناء منظومة ومحور متكامل له تطلعاته الإقليمية وحتى الدولية، وما الخلاف على الحقائب الوزارية سوى ذر للرماد في العيون. ويضيف هؤلاء أن الحكومة يمكن أن تتشكل في حالة واحدة، وهي إذا نزل الرئيس المكلف على كل شروط أولئك المعطلين، وعندما تكون الحكومة من تأليفهم وتشكيلهم وجزءاً من منظومتهم العاملة في الاقليم، وهو بكل تأكيد تحدّ لكل من رئيسي الجمهورية والرئيس المكلف.
إلا أن هناك من يقول إن التعطيل والتأخير في تشكيل الحكومة سياسة منهجية تتفق عليها وتشترك فيها معظم القوى، انطلاقاً من مسؤولية اعتماد قانون انتخاب جديد، لأن القوى السياسية المهيمنة على القرار السياسي تكاد تكون مجمعة في سرها على الإبقاء على القانون النافذ(قانون 1960) لأنه الأفضل لها من أي قانون آخر، وعليه فإنها تريد حرق الوقت من أجل التذرع لاحقاً بأنها لم تتمكن من التوصل الى قانون انتخاب جديد، وأن احترام مهلة إجراء الانتخاب في وقتها بات مقدساً، وبالتالي فإن إجراء الانتخابات النيابية وفقاً للقانون النافذ الذي سيعيد إنتاج الطبقة ذاتها، وهي غير مستاءة أو منزعجة من ذلك.
أياً كان التفسير الصحيح، وحيثما كمنت الحقيقة، فإن المطلوب من اللبنانيين أن يعوا أن مصالحهم الحقيقية هي في إدراك  هذه الحقائق من أجل أخذ القرار السليم في أية لحظة، والبناء على الشيء مقتضاه.

المكتب الإعلامي المركزي