حديث مع محافظ الجماعة

الجمعة 28 تشرين الأول 2016

Depositphotos_3381924_original

 
بين مؤيد ومعارض لدعم ترشيح العماد ميشال عون انقسم لبنان بشعبه وممثليه،يعيش البلد مرحلة عصيبة من التجاذبات السياسية، حيث راح كل فريق يعيد ترتيب أوراقه ويرسم خرائط جديدة لشبكة تحالفاته السياسية. ترقص العلاقات على وقع تفسخ المعاهدات التي كنا نظنها خطاً أحمر ومرتكزات أساسية لدى سلاطين السياسة اللبنانية.
لكن المسلّم به أن الجماعة الإسلامية أحد أبرز الأقطاب السياسية اللبنانية لم ترق لها يوماً سياسة التيار البرتقالي الذي يتزعمه ميشال عون، لا سيما على صعيد المواقف المتعلقة بالحرب السورية وسلاح حزب الله. الأمر الذي قد يخلق العديد من الصدامات في العهد السياسي القادم مع وصول زعيم التيار الوطني الحر إلى القصر الجمهوري. والجماعة وإن كانت تعبّر عن استعدادها للتعاون مع الرئيس الجديد لما فيه خير للبنان، ولكنها في الوقت عينه لا تخفي أن هناك مشاورات داخلية بين كوادر الجماعة تسير على قدم وساق لاستساغة مخرج أو خطة عمل سيسري تنفيذها إذا ما وصلت العلاقات مع الرئيس الجديد إلى طريق مسدود.
التقت "البيان" الأستاذ محمد هوشر محافظ الجماعة في عكار، وطرحت على طاولته العديد من المواضيع المتعلقة بالانتخابات الرئاسية والنيابية في عكار. وقد ألمح هوشر بطريقة غير مباشرة الى أن الجماعة لا تستبعد فرضية اللجوء إلى المجتمع المدني إذا جاءت الرياح السياسية الجديدة بعكس ما تشتهي سفن الجماعة.

ما تعليقكم على دعم الرئيس سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية؟
نحن ننظر بعين الإيجابية إلى كل المبادرات التي تسعى إلى ملء الفراغات في مناصب الدولة بصورة عامة، وعن شخص العماد عون لا شك أن هناك الكثير من المؤيدين والناقدين والصامتين حول موضوع دعم ترشيحه. أما فيما يتعلق بموقف الجماعة فهي تحترم قرار النواب والهيئات الشعبية في هذا الخصوص، ولكن كنا نتمنى أن يكون رئيس الجمهورية من خارج الإصطفافات السياسية.
فالمعلوم أن لبنان بلد فيه الكثير من التنوع الفكري والطائفي، ولكل فئة هواجسها المرتبطة بتوجهات سياسية مختلفة. من هذا المنطلق، وحرصاً على مبدأ التنوع، رأت الجماعة الإسلامية أن رئيساً بعيداً عن المحسوبيات السياسية سيكون قادراً على الوقوف على مسافة واحدة من كل الأقطاب السياسية في البلد. وترى الجماعة أن هناك جملة من التساؤلات التي تدور حول عون الرئيس، لعل أبرزها اتفاق الطائف، موقفه من صراعات المنطقة، لا سيما الحرب السورية، وأيضاً موقفه من سلاح حزب الله، فضلاً عن مواقفه المعروفة تجاه السنّة في لبنان والتي تميزت بسقفها العالي... هذه الأمور وغيرها الكثير تحتاج إلى توضيحات من قبل العماد ميشال عون، حتى يحصل التنوع في لبنان إلى تطمينات تضمن استمراره.

كجماعة إسلامية ما هو النهج السياسي الذي ستعملون على ضوئه إذا ما وصل العماد عون إلى سدة الرئاسة؟ وألا ترى أن الجماعة ستصطدم مع السلطة السياسية الجديدة في الكثير من القضايا والمصالح المحلية والخارجية؟
نحن منفتحون على كل الأقطاب، والجماعة مستعدة للتعاون مع الجميع لما فيه مصلحة لبنان وشعبه. لا شك أن المصالح السياسية قد تشترك في قضايا معينة وقد تتصادم في أخرى، لكن تبقى مصلحة البلد ومؤسساته فوق الجميع. والمعلوم أن لبنان هو ليس بلد الخيارات الحادة، بل هو بلد التسويات والتوازن. ولعل كل المراجع السياسية في لبنان باتت مقتنعة بهذا الواقع الذي لا يعطي فرصة للتشدد في المواقف، بل هو واقع يفرض علينا البحث عن مساحة للتوافق والتفاهم مع الآخر باستخدام كل الوسائل الديمقراطية المتاحة.
أما فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، فنحن نرى أن المواقف التي تصدر عن رئيس كتلة سياسية تجاه قضية خارجية ما تختلف كليَاً عن تلك التي تصدر عن شخص يشغل منصب رئيس دولة. وهذا ما يجب على العماد عون أن يأخذه بعين الاعتبار إذا ما وصل إلى سدّة الرئاسة، حيث يجب أن تُبنى مواقفه تجاه كل القضايا بناءً على ما تقتضيه مصلحة لبنان وشعبه.

هل تعتبر أن ترشيح الحريري لعون كان مسماراً في نعش تيار المستقبل؟ وألا تعتقد أن حالة التمرد التي تعيشها قيادات التيار الأزرق ستودي به إلى التفسخ والانهيار؟
لا شك أن دعم ترشيح عون كان له تأثيرات سلبية عديدة في جمهور المستقبل، مشهد التخبط في المواقف بات ملحوظاً بالنسبة لكل الناظرين. لكن التصدّع هو حالة طبيعية في حياة الكتل السياسية لا سيما في لبنان، فالتصريحات السياسية والمواقف الحادة قد تنعكس تغيَراً في القاعدة الشعبية للكتل. من هنا لا نريد أن نطلق أحكاماً مسبقة مفادها انهيار تيار المستقبل. فالمعطيات الحالية تشير إلى أن كل الاحتمالات مفتوحة، ربما تكون هذه المتغيرات بمثابة غيمة سوداء في حياة التيار قد يستطيع بعدها ترميم الثغرات التي أصابت جمهوره.

في ملف الانتخابات النيابية

كيف تتحضّر الجماعة الإسلامية في عكار للانتخابات النيابية، وعلى أي مستوى تسير المشاورات؟ وهل من أسماء مطروحة للترشح؟
كما أسلفت سابقاَ أن التجاذبات والمتغيرات السياسية الحاصلة في البلد حالياً تفتح أبواب التحالفات على كل الاحتمالات، وانطلاقاً من قناعات الجماعة التي تؤيد قانون النسبية فهي تأمل أن تتمكن من أن تجد حليفاً لها يكون امتداده على مستوى لبنان كله. أما بالنسبة للأسماء المرشحة، فلم تتمخض مشاورات كوادر الجماعة الداخلية عن تسمية أحد منهم، فلا يزال هناك متسع من الوقت. ولكن الأمر الجدير ذكره في هذا السياق أن مواصفات النائب في عكار تختلف عن مواصفات النائب في بيروت، حيث يطلب من نواب عكار أن يكونوا ذوي همة عالية في قطاع الخدمات والإنماء نظراً لحالة التهميش التي تعيشها المنطقة. أما في بيروت فالنائب عليه أن يتمتع بالقدرة على التشريع والدفاع عن الفكر ومناصرة الحقوق.

ماذا عن تحالفات الجماعة، هل سيكون للمستقبل نصيب منها؟ ألن يؤثر ذلك على قاعدتها الشعبية سيما في ظل التراجع الملحوظ في شعبية التيار الأزرق؟ هل كانت الانتخابات البلدية في طرابلس بمثابة عبرة تدفع الجماعة إلى إعادة النظر في ملف تحالفاتها القادمة؟
لا شك أن نتائج الانتخابات البلدية في طرابلس شكلت صدمة للجماعة ولكل الأفرقاء السياسيين في لبنان، وهذا يدل على أن تغيرات جذرية تحدث على مستوى التوازنات الشعبية.
لكن الجماعة لا تزال حريصة على التشاور مع كل الأفرقاء بمن فيهم المستقبل، حتى تختار الحليف الأنسب. فهي بالتالي تسعى للتوازن بين مبادئ الجماعة الأساسية وبين المصالح السياسية وأيضاً بين خيارات قاعدتها الشعبية.
بالنسبة للتحالفات لا شيء محسوماً حتى الساعة، قد نتحالف مع المستقبل ونختلف معه كما جرى في العديد من الإستحقاقات السياسية الفائتة. وقد لا نجد الحليف المناسب فنتقدم منفردين وربما ننسحب من الاستحقاق إذا لم نجد الخيارات المناسبة، كل الاحتمالات واردة. فالصورة لم تتبلور حتى اليوم بشكل واضح.

هل من كلمة أخيرة؟
أريد أن أوجه نداءً إلى كل أبناء المجتمع المدني الذين سطع نجمهم في القضايا المطلبية الأخيرة، حتى يلملموا صفوفهم ويستعدوا لخوض غمار تجربة الانتخابات النيابية. فلا يزال الكثير من الحقوق والمطالب تعوّل على جهودكم لتتحقق. ومن يدري قد تدعم الجماعة الإسلامية خيار المجتمع المدني في الاستحقاق النيابي القادم.

http://www.albayanlebanon.com/news.php?id=21984&idC=4


حاورته: فاطمة محمد