كلمة رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية الدكتور عماد الحوت في احتفال نصرة الأقصى الذي أقامته الجماعة في البقاع الغربي

الإثنين 30 أيلول 2019

Depositphotos_3381924_original

خلاصة الموقف اللبناني في الكلمة:

[وأن نترجم هذا اليقين بالأخذ بأسباب هذا النصر، بإصلاح مجتمعاتنا فلا نقبل أن يتم التساهل مع العملاء ويسمى العميل مبعداً، ولا نقبل أن يستشري الفساد في بلادنا فيحرم الناس من لقمتها ودواء أبنائها، وها هو الشباب اللبناني وقد ضيّقت الأزمة الاقتصادية الخناق على رقبته فنزل الى الشارع ليعبّر عن رفضه لطبقةٍ سياسية لا تملك رؤية موحدة للخروج من الأزمة، نزل ليقول كفى للمحاصصة ووالهدر والفساد، كفى تسجيل نقاطٍ بين القوى السياسية بينما اقتصاد البلاد في خطر، وليقول للسياسيون هذه فرصتكم الأخيرة فشعب لبنان ليس أقل من الشعب الجزائري والسوداني والمصري، وهو قادرٌ على الحراك في وجه المحاصصة والفساد فتداركوا أمركم واتفقوا على خطةٍ موحدةٍ للتعامل مع الأزمة الاقتصادية قبل أن يفوت الأوان]،

نص الكلمة:
الله أكبر ناصر المرابطين في فلسطين وفي تخوم فلسطين،
الله أكبر قاهر المستكبرين في فلسطين وفي تخوم فلسطين،
أيها الحضور الكريم،

القدس ليست مجرّد مدينةٍ على خارطة وإنما هي أرض رسالة المسيح ومسرى الرسول محمد عليهما الصلاة والسلام، وهي عنوان صراعٍ وجودي مع عدوٍ مغتصبٍ لا ينتهي إلا باستعادة الأرض كل الأرض.

لقد توهم العدو الصهيوني أنه قادرٌ على عزل القضية الفلسطينية عن عمقها العربي والإسلامي، فجاءه الجواب من شعوب الأمة التي أكدت أن فلسطين والقدس بوصلة الأمة، وأن من حافظ على التزامه بالقضية حافظ على احترام شعوب الأمة وثقتها، ومن تولى عنها خسر احترام الأمة ودعمها.

إن شعوب الأمة تتعامل مع فلسطين على أنها وقف في رقابهم حتى التحرير، وإن المسجد الأقصى تعشقه القلوب وتهوى اليه الأنفس، وإن فلسطين هي قضية عقيدةٍ وهوية، وإن أبناء الأمة مستعدون أن يكونوا فداءً لبيت المقدس ولن يسمحوا بالتفريط فيه.

لقد حاول أعداء الأمة إشعال الفتنة هنا أو هناك، وأن يعودوا بالأمة الى زمن الطغيان والفساد لتنشغل الشعوب بنفسها، لقد نسي هؤلاء أننا أمةٌ وصفها عدوها بأنها تنام ولكن لا تموت، ووصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ وفي أمتي الى يوم القيامة)، ووعدها الله في محكم تنزيله (... فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا).

إن آخر محاولات بيع فلسطين هي ما يسمى بصفقة القرن وما تتضمن من تسويقٍ للتطبيع، وتفريطٍ بالأرض، وحمايةٍ لأنظمةٍ انقلابية أو مستبدة تتواطأ مع العدو الصهيوني وتشغل شعوبها عن أي دور في دعم القضية الفلسطينية وتحرير فلسطين.

لهذ كله، علينا أن نكسر حاجز الخوف الذي يحاول البعض أن يسجننا فيه حتى نستسلم لواقعنا، وأن نؤمن بأن ما تمر به أمتنا اليوم من إرباكات ليس سوى آلام ما قبل الولادة ليميز الله الخبيث من الطيب، وأننا نسير على طريق بيت المقدس باستنهاض شعوبنا لتستعيد حريتها وإرادتها بإذن الله.

إن شباب الأمة الذي يشارك اليوم في فعاليات نصرة المسجد الأقصى في كل البلاد، يبعث رسالةً واضحةً للصهاينة أنه لن يحلو لكم المقام في فلسطين،

وشباب الأمة الذي انتفض في مصر والسودان والجزائر يبعث برسالة اقتراب نهوض الأمة من نومها،

وشباب غزة والضفة الذي يكشف في كل عدوان عن معادلة رعبٍ جديدة من قصفٍ وأسرٍ وكوماندوس بحري يبعث برسالة حول حجم ضعف العدو وتخبطه وارباكاته،

وشباب القدس الذي يدافع عن المسجد الأقصى في وجه حملات التهويد يبعث برسالة للأمة أن البوصلة هي القدس والمسجد الأقصى وأنه آن الأوان لوقف الصراعات البينية التي تستنزف الأمة لصالح المشروع الصهيوني وحلفائه.

إن مواجهة هذه المؤامرات يستدعي منا:

أن نوطّن أنفسنا ونربي أبناءنا على قول الله عز وجل (وعد اللهُ الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا...) وأن وعد الله متحققٌ بأن النصر لهذه الأمة وإن طال الزمن،

وأن نترجم هذا اليقين بالأخذ بأسباب هذا النصر، بإصلاح مجتمعاتنا فلا نقبل أن يتم التساهل مع العملاء ويسمى العميل مبعداً، ولا نقبل أن يستشري الفساد في بلادنا فيحرم الناس من لقمتها ودواء أبنائها، وها هو الشباب اللبناني وقد ضيّقت الأزمة الاقتصادية الخناق على رقبته فنزل الى الشارع ليعبّر عن رفضه لطبقةٍ سياسية لا تملك رؤية موحدة للخروج من الأزمة، نزل ليقول كفى للمحاصصة ووالهدر والفساد، كفى تسجيل نقاطٍ بين القوى السياسية بينما اقتصاد البلاد في خطر، وليقول للسياسيون هذه فرصتكم الأخيرة فشعب لبنان ليس أقل من الشعب الجزائري والسوداني والمصري، وهو قادرٌ على الحراك في وجه المحاصصة والفساد فتداركوا أمركم واتفقوا على خطةٍ موحدةٍ للتعامل مع الأزمة الاقتصادية قبل أن يفوت الأوان،

إن من أسباب النصر إصلاحٍ للمجتمعات، وفضحٍ لكل متآمر، وتثبيتٍ لأهل فلسطين في أرضهم ودعمهم حتى يأتي أوان النصر إن شاء الله، (ويسألونك متى هو قل عسى أن يكونَ قريبا) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.